قد عرفت حاله في محله للأصل مضافا إلى بعض الأدلة الدالة عليه التي سنشير إليها إن شاء الله وما عن ظاهر بعض من القول ببطلان الصلاة بزيادة النية سهوا فلا ينبغي الاصغاء إليه واما عمدا فربما يستشعر بل يستظهر من عبارة المتن ونحوه حيث اقتصروا في الحكم بالإعادة على المذكورات انه أيضا كالسهو خلافا لصريح غير واحد من المتأخرين فحكموا بمبطلية الزيادة العمدية مطلقا من غير فرق بين الركن وغيره بل لعل هذا هو المشهور فيما بينهم اخذا بعموم بعض الأخبار الآتية واما بطلان الصلاة بزيادة المذكورات عمدا وسهوا فهو على الظاهر مما لا خلاف فيه في شئ منها في الجملة وان اختلفوا في اطلاقه بالنسبة إلى كل منها في بعض صورة ففي مسألة من زاد في صلاته ركعة نسب إلى الأكثر بل المشهور القول بالبطلان مطلقا وحكى عن جملة من القدماء والمتأخرين كابن الجنيد والشيخ في التهذيب والمصنف في المعتبر والعلامة في بعض كتبه والشهيد في الألفية وجملة من المتأخرين انه ان جلس عقيب الرابعة بمقدار التشهد لم تبطل صلاته بل مقتضى بعض أدلتهم الآتية عدم اختصاصه بالرباعية ولا بزيادة الركعة بل مطلق الزيادة ركعة كانت أم ركوعا أو سجودا أو غيرها في كل صلاة ثنائية كانت أم ثلاثية أم رباعية إذا جلس عقيب الركعة الأخيرة منها بقدر ان يتشهد لا تبطل صلاته كما ستعرف حجة القائلين بالبطلان مطلقا اخبار مستفيضة منها خبر أبي بصير قال قال أبو عبد الله عليه السلام من زاد في صلاته فعليه الإعادة وما رواه الشيخ في الحسن عن زرارة وبكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا هكذا رواه في المدارك وغيره ولكن في الوسائل رواه عن الكليني رحمه الله باسناده عن زرارة وبكير بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال إذا استيقن انه زاد في صلاته المكتوبة ركعة لم يعتد بها واستقبل صلاته استقبالا إذا كان قد استيقن يقينا ثم قال محمد بن الحسن باسناده عن محمد بن يعقوب مثله فالظاهر أن لفظة ركعة فيما رووه عن الشيخ ساقطة وكيف كان فهي باطلاقها دليل على المدعى ورواية الأعمش المروية عن الخصال عن جعفر بن محمد في حديث شرايع الدين قال والتقصير في ثمانية فراسخ وهو بريدان وإذا قصرت فطرت ومن لم يقصر في السفر لم تجز صلاته لأنه قد زاد في فرض الله عز وجل دلت الرواية بمقتضى التعليل ان زيادة الركعة مبطلة مطلقا وان وقعت بعد فعل التشهد كما هو الشان فيمن أتم في السفر حيث إنه يأتي بالأخيرتين بعد ان تشهد عقيب الأوليين وخبر عبد الله محمد عن أبي الحسن عليه السلام قال الطواف المفروض إذا زدت عليه مثل الصلاة المفروضة إذا زدت عليها فعليك الإعادة وصحيحة منصور بن حازم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى فذكر انه زاد سجدة قال لا يعيد الصلاة من سجدة ويعيدها من ركعة وخبر عبيد بن زرارة قال سئلت أبا عبد الله عليه السلام عن رجل شك فلم يدر اسجد ثنتين أم واحدة فسجد أخرى ثم استيقن انه قد زاد سجدة فقال لا والله لا تفسد الصلاة بزيادة سجدة وقال لا يعيد صلاته من سجدة ويعيدها من ركعة ودعوى ان المراد بالركعة في هاتين الروايتين الركوع بقرينة مقابلتها بالسجدة ان سلمت فغير قادحة بالاستدلال للبطلان بزيادة الركعة لدلالتهما عليه حينئذ أيضا بالفحوى ومضمرة الشحام قال سئلته عن الرجل يصلي العصر ست ركعات أو خمس ركعات قال إن استيقن انه صلى خمسا أو ستا فليعد وهذه الأخبار بأسرها اما واردة في زيادة الركعة سهوا أو انها هي القدر المتيقن من موردها فيفهم منها حكم الزيادة العمدية بالأولى مع أن جملة منها ظاهرة في الاطلاق بل قد يدعى اختصاص بعضها كرواية أبي بصير وخبر الأعمش وخبر عبد الله بن محمد في العمد ببعض التقريبات الغير السليمة عن المناقشة كما ستعرف احتج المحقق في محكى المعتبر على ما ذهب إليه بان نسيان التشهد غير مبطل فإذا جلس قدر التشهد فقد فصل بين الفرض والزيادة وما رواه الشيخ في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى خمسا فقال إن كان قد جلس في الرابعة قدر التشهد فقد تمت صلاته وعن محمد بن مسلم قال سئلت أبا جعفر عليه السلام عن رجل استيقن بعد ما صلى الظهر انه صلى خمسا فقال وكيف استيقن قلت علم قال إن كان علم أنه جلس في الرابعة فصلاة الظهر تامة وليقم فليضف إلى الركعة الخامسة ركعة وسجدتين فيكونان ركعتين نافلة ولا شئ عليه أقول ويدل عليه أيضا صحيحة جميل بن دراج عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال في رجل صلى خمسا انه ان كان جلس في الرابعة بقدر التشهد فعبارته جائزة وصحيحة محمد بن مسلم عن أبي عبد الله عليه السلام قال سئلته عن رجل صلى الظهر خمسا فقال إن كان لا يدري جلس في الرابعة أم لم يجلس فليجعل أربع ركعات منها الظهر ويجلس ويتشهد ثم يصلي وهو جالس ركعتين وأربع سجدات ويضيفها إلى الخامسة فتكون نافلة واما ما عن الشيخ في الضعيف عن زيد بن علي عن ابائه عن علي عليه السلام قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وآله الظهر خمس ركعات ثم انتقل فقال له بعض القوم يا رسول الله صلى الله عليه وآله هل زيد في الصلاة شئ قال وما ذاك قال صليت بنا خمس ركعات قال فاستقبل القبلة وكبر وهو جالس ثم سجد سجدتين ليس فيهما قراءة ولا ركوع ثم سلم وكان يقول هما المرغمتان فهو مع الغض عن سنده لا يصلح ان يكون مستندا لهذا القول إذ لم يعتبر فيه الجلوس عقيب الرابعة بل هو من الأخبار الموافقة لمذهب العامة ورواياتهم حيث حكى ان مذهبهم صحة الصلاة مع زيادة الخامسة سهوا جلس عقيب الرابعة أم لم يجلس ورووا عن ابن مسعود ان النبي صلى الله عليه وآله صلى بنا خمسا فلما أخبرناه انفتل فسجد سجدتين ثم صلى وقال انما انا بشرا نسي كما نقله الشهيد في محكى الذكرى ثم قال وهذا الحديث لم يثبت عندنا مع منافاته للقواعد العقلية انتهى وفي الحدائق بعد نقل صحيحة محمد بن مسلم المتقدمة قال ولا يخفى ما في مضمون هذا الخبر من المخالفة لما عليه الأصحاب اما أولا فان ظاهر الرواية ان الشك في الجلوس وعدمه حكمه حكم الجلوس المحقق في صحة الصلاة على القول به ولا قائل به فيما اعلم الا انه ربما كان في ايراد الصدوق هذه الرواية اشعار بالقول بذلك بناء على قاعدته التي مهدها في صدر كتابه وفيه تأمل وثانيا فإنه إذا جعل أربع ركعات من هذه الخمس للظهر فهذا التشهد المذكور في الخبر اما ان يكون للفريضة أو النافلة فإن كان للفريضة فهو لا يكون الا على جهة القضاء لوقوعه بعد الركعة الزائدة مع أن التشهد الأول مشكوك فيه والتشهد المشكوك فيه لا يقضي بعد تجاوز محله وان كان للنافلة فالأنسب ذكره بعد الركعتين من جلوس واحتمال كونه تشهدا لهذه الركعة
(٥٣٥)