وقال القاضي: فيه وجه آخر أن الزكاة بحب فيها لأن العلف محرم فلم يؤثر في الزكاة كما لو غصب أثمانا فصاغها حليا لم تسقط الزكاة عنها بصياغته. قال أبو الحسن الآمدي: هذا هو الصحيح لأن العلف إنما أسقط الزكاة لما فيه من المؤنة وههنا لا مؤنة عليه ولنا أن السموم شرط لوجوب الزكاة ولم يوجد فلم تجب الزكاة كنقص النصاب والملك (وقوله) إن العلف محرم غير صحيح وإنما المحرم والغصب، وإنما العلف تصرف منه في ماله باطعامها إياه ولا تحريم ولهذا لو علفها عند مالكها لم يحرم عليه وما ذكر الآمدي من خفة المؤنة غير صحيح فإن الخفة لا تعتبر بنفسها وإنما تعتبر بمظنتها وهي السوم، ثم يبطل ما ذكراه بما إذا كانت معلوفة عندهما جميعا ويبطل ما ذكره القاضي بما إذا علفها مالكها عنفا محرما أو أتلف شاة من النصاب فإنه محرم وتسقط به الزكاة، وأما إذا غصب ذهبا فصاغه حليا فلا يشبه ما اختلفنا فيه، فإن العلف فات به شرط الوجوب والصياغة لم يفت بها شئ، وإنما اختلف في كونها مسقطة بشرط كونها مباحة، فإذا كانت محرمة لم يوجد شرط الاسقاط ولان المالك لو علفها علفا محرما لسقطت الزكاة ولو صاغها صياغة محرمة لم تسقط فافترقا، ولو غصب حليا مباحا فكسره، أو ضربه دراهم، أو دنانير وجبت فيه الزكاة، لأن المسقط للزكاة زال فوجبت الزكاة ويحتمل أن لا تجب كما لو غصب معلوفة فأسامها. ولو غصب عروضا فاتجر فيها لم تجب فيها الزكاة لأن نية التجارة شرط وتوجد من المالك، سواء كانت للتجارة عند مالكها أو لم تكن لأن بقاء النية شرط ولم ينو التجارة بها عند الغاصب، ويحتمل أن تجب الزكاة إذا كانت للتجارة عند مالكها واستدام النية لأنها لم تخرج عن ملكه بغصبها، وإن نوى بها الغاصب القنية. وكل موضع أوجبنا الزكاة، فعلى الغاصب ضمانها لأنه نقص حصل في يده فوجب عليه ضمانه كتلفه (فصل) إذا ضلت واحدة من النصاب أو أكثر أو غصبت فنقص النصاب فالحكم فيه كما لو ضل جميعه أو غصب، لكن إن قلنا بوجوب الزكاة فعليه الاخراج عن الموجود عنده، وإذا رجع الضال أو المغصوب أخرج عنه كما لو رجع جميعه (فصل) وإن أسر المالك لم تسقط عنه الزكاة سواء حيل بينه وبين ماله، أو لم يحل لأن تصرفه في ماله نافذ يصح بيعه وهبته وتوكيله فيه (فصل) وإن ارتد قبل مضي الحول وحال الحول وهو مرتد فلا زكاة عليه نص عليه لأن الاسلام شرط لوجوب الزكاة فعدمه في بعض الحول يسقط الزكاة كالملك والنصاب، وإن رجع إلى الاسلام قبل مضي الحول استأنف حولا لما ذكرنا. قال احمد: إذا أسلم المرتد وقد حال على ماله الحول فإن المال له، ولا يزكيه حتى يستأنف به الحول لأنه كان ممنوعا منه، فأما إن ارتد بعد الحول لم تسقط الزكاة عنه، وبهذا
(٦٤١)