وروي عن سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح وعطاء الخراساني وأبي الزناد يزكيه إذا قبضه لسنة واحدة ولنا أنه دين ثابت في الذمة فلم يلزمه الاخراج قبل قبضه كما لو كان على معسر، ولان الزكاة تجب على طريق المواساة وليس من المواساة أن يخرج زكاة مال لا ينتفع به، وأما الوديعة فهي بمنزلة ما في يده لأن المستودع نائب عنه في حفظه ويده كيده، وإنما يزكيه لما مضى لأنه مملوك له يقدر على الانتفاع به فلزمته زكاته كسائر أمواله (الضرب الثاني) أن يكون على معسر، أو جاحد، أو مماطل به فهذا هل تجب فيه الزكاة؟ على روايتين (إحداهما) لا بحب وهو قول قتادة وإسحاق وأبي ثور وأهل العراق لأنه غير مقدور على الانتفاع به أشبه مال المكاتب (والرواية الثانية) يزكيه إذا قبضه لما مضى وهو قول الثوري وأبي عبيد لما روي عن علي رضي الله عنه في الدين المظنون، قال إن كان صادقا فليزكه إذا قبضه لما مضى وروي نحوه عن ابن عباس. رواهما أبو عبيد، ولأنه مملوك يجوز التصرف فيه فوجبت زكاته لما مضى كالدين على الملئ، وللشافعي قولان كالروايتين، وعن عمر بن عبد العزيز والحسن والليث والأوزاعي ومالك يزكيه إذا قبضه لعام واحد ولنا أن هذا المال في جميع الأحوال على حال واحد فوجب أن يتساوى في وجرب الزكاة أو سقوطها كسائر الأموال ولا فرق بين كون الغريم يجحده في الظاهر دون الباطن أو فيهما (فصل) وظاهر كلام احمد أنه لا فرق بين الحال والمؤجل لأن البراءة تصح من المؤجل ولولا أنه مملوك لم تصح البراءة منه لكن يكون في حكم الدين على المعسر لأنه يمكن قبضه في الحال (فصل) ولو أجر داره سنتين بأربعين دينارا ملك الأجرة من حين العقد وعليه زكاة جميعها إذا حال عليه الحول لأن ملك المكرى عليه تام بدليل جواز التصرف فيها بأنواع التصرفات، ولو كانت جارية كان له وطؤها وكونها بعرض الرجوع لانفساخ العقد لا يمنع وجوب الزكاة كالصداق قبل الدخول، ثم إن كان قد قبض الأجرة أخرج الزكاة منها، وإن كانت دينا فهي كالدين معجلا كان أو مؤجلا. وقال مالك وأبو حنيفة: لا يزكيها حيت يقبضها ويحول عليه الحول بناء على أن الأجرة لا تستحق بالعقد، وإنما تستحق بالعقد، وإنما تستحق بانقضاء مدة الإجارة وهذا يذكر في موضعه إن شا الله تعالى، وعن أحمد رحمه الله رواية أخرى فيمن قبض من أجر عقار نصابا يزكيه في الحال وقد ذكرناه في غير هذا الموضع وحملناه على أنه حال عليه الحول قبل قبضه (فصل) ولو اشترى شيئا بعشرين دينارا، أو أسلم نصابا في شئ فحال أحوال قبل أن يقبض
(٦٣٩)