فإنك تجعله في مقابلة ما الحظ للمساكين في جعله في مقابلته (فصل) فأما دين الله كالكفارة والنذر ففيه وجهان: أحدهما يمنع الزكاة كدين الآدمي لأنه دين يجب قضاؤه فهو كدين الآدمي يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم (دين الله أحق أن يقضى) والآخر لا يمنع لأن الزكاة آكد منه لتعلقها بالعين فهو كأرش الجناية ويفارق دين الآدمي لتأكده وتوجه المطالبة به، فإن نذر الصدقة بمعين فقال لله علي أن أتصدق بهذه المأتي درهم إذا حال الحول. فقال ابن عقيل يخرجها في النذر ولا زكاة عليه لأن النذر آكد لتعلقه بالعين والزكاة مختلف فيها، ويحتمل أن تلزمه زكاتها وتجزئه الصدقة بها إلا أن ينوي الزكاة بقدرها ويكون ذلك صدقة تجزئه عن الزكاة لكون الزكاة صدقة وسائرها يكون صدقة لنذره وليس بزكاة، وان نذر الصدقة ببعضها وكان ذلك البعض قدر الزكاة أو أكثر فعلى هذ الاحتمال يخرج المنذور وينوي الزكاة بقدرها منه. وعلى قول ابن عقيل يحتمل أن تجب الزكاة عليه لأن النذر إنما تعلق بالبعض بعد وجود سبب الزكاة وتمام شرطه فلا يمنع الوجوب لكون المحل متسعا لهما جميعا، وإن كان المنذور أقل من قدر الزكاة وجب قدر الزكاة ودخل النذر فيه في أحد الوجهين، وفي الآخر يجب اخراجهما جميعا (فصل) إذا قلنا لا يمنع الدين وجوب الزكاة في الأموال الظاهرة فحجر الحاكم عليه بعد وجوب الزكاة لم يملك اخراجها لأنه قد انقطع تصرفه في ماله، وإن أقربها بعد الحجر لم يقبل اقراره وكانت عليه في ذمته كدين الآدمي، ويحتمل أن تسقط إذا حجر عليه قبل امكان أدائها كما لو تلف ماله، فإن أقر الغرماء بوجوب الزكاة عليه أو ثبت ببينة، أو كان قد أقر بها قبل الحجر عليه وجب اخراجها من المال فإن لم يخرجوها فعليهم اثمها (فصل) وإذا جنى العبد المعد للتجارة جناية تعلق أرضها برقبته منع وجوب الزكاة فيه إن كان ينقص النصاب لأنه دين، وإن لم ينقص النصاب منع الزكاة في قدر ما يقابل الأرش (مسألة) قال (وإذا كان له دين على ملئ فليس عليه زكاة حتى يقبضه ويؤدي لما مضى) وجملة ذلك أن الدين على ضربين (أحدهما) دين على معترف به باذل له فعلى صاحبه زكاته إلا أنه لا يلزمه اخراجها حتى يقبضه فيؤدي لما مضى، روي ذلك عن علي رضي الله عنه، وبهذا قال الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي. وقال عثمان وابن عمر رضي الله عنهما، وجابر وطاوس والنخعي وجابر بن زيد والحسن وميمون بن مهران والزهري وقتادة وحماد بن أبي سليمان والشافعي وإسحاق وأبو عبيد: عليه اخراج الزكاة في الحال وإن لم يقبضه لأنه قادر على أخذه والتصرف فيه فلزمه اخراج زكاته كالوديعة. وقال عكرمة: ليس في الدين زكاة، وروي ذلك عن عائشة وابن عمر رضي الله عنهما لأنه غير نام فلم تجب زكاة كعروض القنية
(٦٣٨)