ابن سعيد لا يغطي وجهه لأن في بعض الحديث (ولا تخمروا رأسه ولا وجهه) ونقل عنه سائر أصحابه لا بأس بتغطية وجهه لحديث ابن عباس الذي رويناه وهو أصح ما روي فيه، وليس فيه الا المنع من تغطية الرأس، ولان احرام الرجل في رأسه ولا يمنع من تغطية وجهه في الحياة فبعد الموت أولى، ولم ير أن يلبس المحرم المخيط بعد موته كما لا يلبسه في حياته، وإن كان الميت امرأة محرمة ألبست القميص وخمرت كما تفعل ذلك في حياتها ولم تقرب طيبا لأنه يحرم عليها في حياتها فكذلك بعد موتها (مسألة) قال (وان سقط من الميت شئ غسل وجعل في أكفانه) وجملته أنه إذا بان من الميت شئ وهو موجود غسل وجعل معه في أكفانه قاله ابن سيرين ولا نعل فيه خلافا، وقد روي عن أسماء أنها غسلت ابنها فكانت تنزعه أعضاء كلما غسلت عضوا طيبته وجعلته في كفنه، ولان في ذلك جمع أجزاء الميت في موضع واحد وهو أولى من تفريقها (فصل) فإن لم يوجد إلا بعض الميت فالمذهب انه يغسل ويصلى عليه وهو قول الشافعي. ونقل ابن منصور عن أحمد انه لا يصلى على الجوارح. قال الخلال ولعله قول قديم لأبي عبد الله والذي استقر عليه قول أبي عبد الله انه يصلى على الأعضاء. وقال أبو حنيفة ومالك إن وجد الأكثر صلى عليه وإلا فلا لأنه بعض لا يزيد على النصف فلم يصل عليه كالذي بان في حياة صاحبه والشعر والظفر ولنا اجماع الصحابة رضي الله عنهم قال أحمد: صلى أبو أيوب على رجل وصلى عمر على عظام بالشام، وصلى أبو عبيدة على رؤس بالشام رواهما عبد الله بن أحمد باسناده. وقال الشافعي ألقى طائر يدا بمكة من وقعة الجمل فعرفت بالخاتم وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد فصلى عليها أهل مكة وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم نعرف من الصحابة مخالفا في ذلك ولأنه بعض من جملة تجب الصلاة عليها فيصلى عليه كالأكثر وفارق ما بان في الحياة لأنه من جملة لا يصلى عليها والشعر والظفر لا حياة فيه (فصل) وان وجد الجزء بعد دفن الميت غسل وصلى عليه ودفن إلى جانب القبر أو نبش بعض القبر ودفن فيه، ولا حاجة إلى كشف الميت لأن ضرر نبش الميت وكشفه أعظم من الضرر بتفرقة أجزائه (فصل) والمجدور والمحترق والغريق إذا أمكن غسله غسل، وإن خيف تقطعه بالغسل صب عليه الماء صبا ولم يمس، فإن خيف تقطعه بالماء لم يغسل وييمم إن أمكن كالحي الذي يؤذيه الماء، وإن تعذر غسل الميت لعدم الماء يمم، وان تعذر غسل بعضه دون بعض غسل ما أمكن غسله ويمم الباقي كالحي سواء (فصل) فإن مات في بئر ذات نفس فأمكن معالجة البئر بالأكسية المبلولة تدار في البئر حتى تجتذب بخاره ثم ينزل من يطلعه أو أمكن اخراجه بكلاليب من غير مثلة لزم ذلك لأنه أمكن غسله من غير ضرر فلزم كما لو كان على ظهر الأرض، وإذا شك في زوال بخاره أنزل إليه سراج أو نحوه فإن انطفأ فالبخار باق وان لم ينطفئ فقد زال فإنه يقال لا تبقي النار إلا فيما يعيش فيه الحيوان،
(٤٠٧)