بعد شهر. وحديث ابن عباس يرويه الحسن بن عمارة وهو ضعيف وقد أنكر عليه شعبة رواية هذا الحديث. وقال إن جرير بن حازم يكلمني في أن لا أتكلم في الحسن بن عمارة وكيف لا أتكلم فيه وهو يروي هذا الحديث، ثم نحمله على الدعاء. إذا ثبت هذا فيحتمل أن ترك غسل الشهيد لما تضمنه الغسل من إزالة أثر العبادة المستحسنة شرعا فإنه جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (والذي نفسي بيده لا يكلم (1) أحد في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة واللون لون دم والريح ريح مسك) رواه البخاري، وقال النبي صلى الله عليه وسلم (ليس شئ أحب إلى الله من قطرتين وأثرين:
أما الأثران فأثر في سبيل الله وأثر في فريضة الله تعالى) رواه الترمذي وقال هو حديث حسن:
وقد جاء ذكر هذه العلة في الحديث، فإن عبد الله بن ثعلبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (زملوهم بدمائهم فإنه ليس كلم يكلم في الله إلا يأتي يوم القيامة يدمي لونه لون الدم وريحه ريح المسك) رواه النسائي. ويحتمل أن الغسل لا يجب إلا من أجل الصلاة إلا أن الميت لا فعل له فأمرنا بغسله لنصلي عليه، فمن لم تجب الصلاة عليه لم يجب غسله كالحي، ويحتمل أن الشهداء في المعركة يكثرون فيشق غسلهم وربما يكون فيهم الجراح فيتضررون فعفي عن غسلهم لذلك، وأما سقوط الصلاة عليهم فيحتمل أن تكون علته كونهم أحياء عند ربهم، والصلاة إنما شرعت في حق الموتى، ويحتمل أن ذلك لغناهم عن الشفاعة لهم، فإن الشهيد يشفع في سبعين من أهله فلا يحتاج إلى شفيع والصلاة إنما شرعت للشفاعة (فصل) فإن كان الشهيد جنبا غسل وحكمه في الصلاة عليه حكم غيره من الشهداء وبه قال أبو حنيفة وقال مالك: لا يغسل لعموم الخبر، وعن الشافعي كالمذهبين ولنا ما روي أن حنظلة بن الراهب قتل يوم أحد فقال النبي صلى الله عليه وسلم (ما شأن حنظلة فاني رأيت الملائكة تغسله) فقالوا انه جامع ثم سمع الهيعة فخرج إلى القتال. رواه ابن إسحاق في المغازي، ولأنه غسل واجب لغير الموت فسقط بالموت كغسل النجاسة وحديثهم لا عموم له فإنه قضية في عين ورد في شهداء أحد وحديثنا خاص في حنظلة وهو من شهداء أحد فيجب تقديمه: إذا ثبت هذا فمن وجب الغسل عليه بسبب سابق على الموت كالمرأة تطهر من حيض أو نفاس ثم تقتل فهي كالجنب للعلة التي ذكرناها، ولو قتلت في حيضها أو نفاسها لم يجب الغسل لأن الطهر من الحيض شرط في الغسل أو في السبب الموجب فلا يثبت الحكم بدونه، فأما ان أسلم ثم استشهد فلا غسل عليه لأنه روي أن أصيرم بن عبد الأشهل أسلم يوم أحد ثم قتل فلم يؤمر بغسله (فصل) والبالغ وغيره سواء، وبهذا قال الشافعي وأبو يوسف ومحمد وأبو ثور وابن المنذر.
وقال أبو حنيفة: لا يثبت حكم الشهادة لغير البالغ لأنه ليس من أهل القتال