مات رجل بين نسوة أجانب أو امرأة بين رجال أجانب أو مات خنثى مشكل فإنه ييمم وهذا قول سعيد بن المسيب والنخعي وحماد ومالك وأصحاب الرأي وابن المنذر وحكى أبو الخطاب رواية ثانية أنه يغسل من فوق القميص يصب عليه الماء من فوق القميص صبا ولا يمس وهو قول الحسن واسحق ولنا ما روى تمام الرازي في فوائده باسناده عن مكحول عن واثلة قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا ماتت المرأة مع الرجال ليس بينها وبينهم محرم تيمم كما ييمم الرجال) ولان الغسل من غير مس لا يحصل به التنظيف ولا إزالة النجاسة بل ربما كثرت ولا يسلم من النظر فكان العدول إلى التيمم أولى كما لو عدم الماء.
(فصل) وللنساء غسل الطفل بغير خلاف، قال ابن المنذر أجمع كل من يحفظ عنه من أهل العلم على أن المرأة تغسل الصبي الصغير، قال أحمد لهن غسل من له دون سبع سنين وقال الحسن إذا كان فطيما أو فوقه وقال الأوزاعي ابن أربع أو خمس وقال أصحاب الرأي الذي لم يتكلم.
ولنا أن من له دون السبع لم نؤمر بأمره بالصلاة ولا عورة له فأشبه ما سلموه فأما من بلغ السبع ولم يبلغ فحكى أبو الخطاب فيه روايتين والصحيح أن من بلغ عشرا ليس للنساء غسله لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال (وفرقوا بينهم في المضاجع) وأمر بضربهم للصلاة لعشر يحتمل أن يلحق بمن دون السبع لأنه في معناه ويحتمل أن يلحق به لأنه يفارقه في أمره بالصلاة وقربه من المراهق، فأما الطفلة الصغيرة فلم ير أبو عبد الله أن يغسلها الرجل، وقال النساء أعجب إلي وذكر له أن الثوري يقول تغسل المرأة الصبي والرجل الصبية قال لا بأس أن تغسل المرأة الصبي، وأما الرجل يغسل الصبية فلا اجترئ عليه الا أن يغسل الرجل ابنته الصغيرة فإنه يروى عن أبي قلابة أنه غسل بنتا له صغيرة. والحسن قال لا بأس أن يغسل الرجل ابنته إذا كانت صغيرة. وكره غسل الرجل الصغيرة سعيد الزهري قال الخلال القياس التسوية بين الغلام والجارية لولا أن التابعين فرقوا بينهما فكرهه أحمد لذلك وسوى أبو الخطاب بينهما فجعل فيهما روايتين جريا على موجب القياس والصحيح ما عليه السلف من أن الرجل لا يغسل الجارية والتفرقة بين عورة الغلام والجارية لأن عورة الجارية أفحش ولان العادة معاناة المرأة للغلام الصغير ومباشرة عورته في حال تربيته ولم تجر العادة بمباشرة الرجل عورة الجارية في الحياة فكذلك حالة الموت والله أعلم.
فأما الصبي إذا غسل الميت فإن كان عاقلا صح غسله صغيرا كان أو كبيرا لأنه يصح طهارته فصح أن يطهر غيره كالكبير.
(فصل) ويصح أن يغسل المحرم الحلال والحلال المحرم كل واحد منهما تصح طهارته وغسله فكان له أن يغسل غيره.