والصلاة من شرطها أن تصادف من كانت فيه حياة وقد علم ذلك بما ذكرنا من الحديث، ولان الصلاة عليه دعاء له ولوالديه وخير فلا يحتاج فيها إلى الاحتياط واليقين لوجود الحياة بخلاف الميراث، فأما من لم يأت له أربعة أشهر فإنه لا يغسل ولا يصلى عليه ويلف في خرقة ويدفن ولا نعلم فيه خلافا الا عن ابن سيرين فإنه قال يصلى عليه إذا علم أنه نفخ فيه الروح، وحديث الصادق المصدوق يدل على أنه لا ينفخ فيه الروح الا بعد أربعة أشهر وقبل ذلك فلا يكون نسمة فلا يصلى عليه كالجمادات والدم (مسألة) قال (فإن لم يتبين أذكر هو أم أنثى سمي اسما يصلح للذكر والأنثى) هذا على سبيل الاستحباب لأنه يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (سموا أسقاطكم فإنهم أسلافكم) رواه ابن السماك باسناده، قيل إنهم إنما يسمون ليدعوا يوم القيامة بأسمائهم فإذا لم يعلم هل السقط ذكر أو أنثى سمي اسما يصلح لهما جمعيا كسلمة وقتادة وسعادة وهند وعتبة وهبة الله ونحو ذلك (مسألة) قال (وتغسل المرأة زوجها) قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن المرأة تغسل زوجها إذا مات، قالت عائشة لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم الا نساؤه، رواه أبو داود وأوصى أبو بكر رضي الله عنه أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس وكانت صائمة فعزم عليها أن تفطر فلما فرغت من غسله ذكرت يمينه فقالت لا اتبعه اليوم حنثا فدعت بماء فشربت، وغسل أبا موسى امرأته أم عبد الله، وأوصى جابر ابن زيد ان تغسله امرأته قال احمد ليس فيه اختلاف بين الناس.
(مسألة) قال (وان دعت الضرورة إلى أن يغسل الرجل زوجته فلا بأس) المشهور عن أحمد ان للزوج غسل امرأته، وهو قول علقمة وعبد الرحمن بن يزيد بن الأسود وجابر بن زيد وسليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن وقتادة وحماد ومالك والأوزاعي والشافعي وإسحق. وعن أحمد رواية ثانية ليس للزوج غسلها وهو قول أبي حنيفة والثوري لأن الموت فرقة تبيح أختها وأربعا سواها فحرمت النظر واللمس كالطلاق.
ولنا ما روي ابن المنذر أن عليا رضي الله عنه غسل فاطمة رضي الله عنها واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكره فكان اجماعا ولان النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها (لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك) رواه ابن ماجة، والأصل في إضافة الفعل إلى الشخص أن يكون للمباشرة وحمله على الامر يبطل فائدة التخصيص ولأنه أحد الزوجين فأبيح له غسل صاحبه كالآخر، والمعنى فيه أن كل واحد من الزوجين يسهل عليه اطلاع الآخر على عورته دون غيره لما كان بينهما في الحياة، ويأتي بالغسل على أكمل ما يمكنه لما بينهما من المودة والرحمة، وما قاسوا عليه لا يصح لأنه يمنع الزوجة من النظر وهذا