ونحوه قول الشافعي إلا أن بعض أصحابه قال: يقوم عند رأس الرجل وهو مذهب أبي يوسف ومحمد لما روي عن أنس أنه صلى على رجل فقام عند رأسه، ثم صلى على امرأة فقام حيال وسط السرير فقال له العلاء بن زياد هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الجنازة مقامك منها ومن الرجل مقامك منه؟ قال نعم، فلما فرغ قال احفظوا. قال الترمذي هذا حديث حسن. وقال أبو حنيفة:
يقوم عند صدر الرجل والمرأة لأنهما سواء، فإذا وقف عند صدر الرجل فكذا المرأة. وقال مالك يقف من الرجل عند وسطه لأنه يروى هذا عن ابن مسعود ويقف من المرأة عند منكبها لأن الوقوف عند أعاليها أمثل وأسلم ولنا ما روى سمرة قال: صليت وراء النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة في نفاسها فقام وسطها متفق عليه، وحديث أنس الذي ذكرناه. والمرأة تخالف الرجل في الموقف فجاز أن تخالفه هاهنا، ولان قيامه عند وسط المرأة ستر لها من الناس فكان أولى. فأما قول من قال: يقف عند رأس الرجل فغير مخالف لقول من قال بالوقوف عند الصدر لأنهما متقاربان، فالواقف عند أحدهما واقف عند الآخر والله أعلم (فصل) فإن اجتمع جنائز رجال ونساء فعن أحمد روايتان (إحداهما) يسوي بين رؤسهم وهذا اختيار القاضي وقول إبراهيم وأهل مكة ومذهب أبي حنيفة لأنه يروى عن ابن عمر أنه كان يسوي بين رؤسهم، وروى سعيد باسناده عن الشعبي أن أم كلثوم بنت علي وابنها زيد بن عمر توفيا جميعا فأخرجت جنازتاهما فصلى عليهما أمير المدينة فسوى بين رؤسهما وأرجليهما حين صلى عليهما وباسناده عن حبيب بن أبي مالك قال: قدم سعيد بن جبير على أهل مكة وهم يسوون بين الرجل والمرأة إذا صلي عليهما فأرادهم على أن يجعلوا رأس المرأة عند وسط الرجل فأبوا عليه. والرواية الثانية أن يقف الرجال صفا والنساء صفا، ويجعل وسط النساء عند صدور الرجال، وهذا اختيار أبي الخطاب ليكون موقف الإمام عند صدر الرجل ووسط المرأة. وقال سعيد: حدثني خالد بن يزيد بن أبي مالك الدمشقي، قال حدثني أبي قال: رأيت واثلة بن الأسقع يصلي على جنائز الرجال والنساء إذا اجتمعت فيصف الرجال صفا، ثم يصف النساء خلف الرجال رأس أول مرأة يضعها عند ركبة آخر الرجال، ثم يصفهن، ثم يقوم وسط الرجال، وإذا كانوا رجالا كلهم صفهم ثم قام وسطهم وهذا يشبه مذهب مالك وقول سعيد بن جبير، وما ذكرناه أولى لأنه مدلول عليه بفعل النبي صلى الله عليه وسلم ولا حجة في قول أحد خالف فعله أو قوله والله أعلم (مسألة) قال (ولا يصلى على القبر بعد شهر) وبهذا قال أصحاب الشافعي، وقال بعضهم يصلي عليه أبدا، واختاره ابن عقيل لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على شهداء أحد بعد ثماني سنين. حديث صحيح متفق عليه، وقال بعضهم: يصلى عليه ما لم يبل