(فصل) وتحريم البيع ووجوب السعي يختص بالمخاطبين بالجمعة فاما غيرهم من النساء والصبيان والمسافرين فلا يثبت في حقه ذلك وذكر ابن أبي موسى في غير المخاطبين روايتين والصحيح ما ذكرنا فإن الله تعالى إنما نهى عن المبيع من أمره بالسعي فغير المخاطب بالسعي لا يتناوله النهي ولان تحريم البيع معلل بما يحصل به من الاشتغال عن الجمعة وهذا معدوم في حقهم فإن كان المسافر في غير المصر أو كان أنسانا مقيما بقرية لا جمعة على أهلها لم يحرم البيع قولا واحدا ولم يكره وإن كان أحد المتبايعين مخاطبا والآخر غير مخاطب حرم في حق المخاطب وكره في حق غيره لما فيه من الإعانة على الاثم ويحتمل أن يحرم أيضا لقوله تعالى (ولات عانوا على الاثم والعدوان) (فصل) ولا يحرم غير البيع من العقود كالإجارة والصلح والنكاح وقيل يحرم لأنه عقد معاوضة أشبه البيع ولنا ان النهي مختص بالبيع وغيره لا يساويه في الشغل عن السعي لقلة وجوده فلا يصح قياسه على البيع (فصل) وللسعي إلى الجمعة وقتان وقت وجوب ووقت فضيلة فاما وقت الوجوب فما ذكرناه وأما وقت الفضيلة فمن أول النهار فكلما كان أبكر كان أولى وأفضل وهذا مذهب الأوزاعي والشافعي وابن المنذر وأصحاب الرأي وقال مالك لا يستحب التبكير قبل الزوال لقول النبي صلى الله عليه وسلم (من راح إلى الجمعة) والرواح بعد الزوال والغدو قبله قال النبي صلى الله عليه وسلم (غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها) ويقال تروحت عند انتصاف النهار قال امرؤ القيس * تروح من الحي أم تبتكر * ولنا ما روى أبو هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة
(١٤٦)