الإجارة وشبهها التي ليست هي في الأصل اسما لأحد طرفي العقد (1).
ويتوجه على ذلك أنا لم نجد موردا يستعمل فيه لفظ البيع وغيره في الايجاب والقبول، وإذن فلا وجه صحيح لحمل الألفاظ المذكورة في طليعة عناوين المعاملات على ذلك، بل إن ألفاظ العقود برمتها أسماء لأحد طرفي العقد، وهو الايجاب.
وأما الإجارة والوكالة، فلا يبعد أن تكونا أيضا من أسماء فعل الموجب، أما الإجارة فلأنها بمعنى الأجر، والأجر قد يستعمل ويراد به الجزاء والأجرة، وقد يستعمل مصدرا من أجر بمعنى أكرى، بداهة أن آجر مجردا قد يستعمل بمعنى آجر - كما في القاموس ومجمع البحرين (2) - وعلى ذلك فالإجارة تكون مصدرا لأجر، كالكتابة التي هي مصدر لكتب، وأما الوكالة فهي أيضا فعل الموجب كالتوكيل، لأن الأفعال المجردة والمزيد فيها وإن اختلفت بالاعتبار لكنها متحدة وجودا.
والسر في ذلك أن نسبة المصادر المجردة إلى المصادر المزيد فيها نسبة الوجود إلى الايجاد، فكما أن الوجود والايجاد متحدان حقيقة ومختلفان اعتبارا، كذلك المصادر المجردة والمصادر المزيد فيها، وعلى هذا فاستعمال لفظ التوكيل في الفعل الصادر من الموجب إنما هو بلحاظ جهة الصدور، واستعمال لفظ الوكالة فيه إنما هو بلحاظ نفس الفعل (3).