بالايجاب الخالص، ومن هنا لا يطلق البائع على من أوجب البيع ولم يتعقب ذلك بالقبول، وكذلك الحال في سائر العقود برمتها.
قوله (رحمه الله): وكذلك لفظ النقل والابدال والتمليك وشبهها، مع أنه لم يقل أحد بأن تعقب القبول له دخل في معناها.
أقول: حاصل كلامه إن شأن البيع شأن النقل والابدال والتمليك، فكما لا يعتبر في صدق مفاهيم تلك الكلمات قيد التعقب بالقبول كذلك لا يعتبر ذلك أيضا في صدق مفهوم البيع.
وفيه أنك قد عرفت قريبا أن اعتبار القبول في مفهوم البيع أمر واضح، بل هو كالنور على المنار، وعليه فلا وجه لقياسه بما لا يعتبر في مفهومه قيد التعقب بالقبول.
وأما النقل فهو موضوع لمفهوم عام وهو كل ما صدق عليه عنوان النقل، سواء أكان ذلك نقلا خارجيا كنقل شئ من مكان إلى مكان آخر أم كان نقلا اعتباريا، ومن هنا تطلق كلمة الناقلة على آلة النقل، كالحمولة والسفن والسيارات والطيارات وغيرها، ومن الواضح جدا أنه لا يعتبر قيد التعقب بالقبول في هذا المفهوم الوسيع.
ومن هنا ظهر لك أنه لا وجه لقياس البيع بكلمة الابدال أيضا، ضرورة أن المبادلة أعم من المبادلة الخارجية ومن المبادلة الاعتبارية، كما أن المبادلة الاعتبارية أعم من البيع وغيره (1).
وأما التمليك فإن النسبة بينه وبين البيع هي العموم من وجه، إذ قد يوجد التمليك ولا يصدق عليه مفهوم البيع، كما في الهبة والوصية والإرث وتمليك الله سبحانه الزكاة للفقراء والخمس لبني هاشم وغير ذلك، وقد يوجد البيع ولا يكون هناك تمليك، كبيع المتاع بسهم سبيل