البيع من الايقاعات لا من العقود، وهو بديهي البطلان.
وعلى الجملة أن قوام العقود برمتها بالايجاب المتعقب بالقبول، لأنه لا يتحقق أي عقد من العقود بالايجاب الساذج، سواء أكان هذا الايجاب متوجها إلى قابل شاعر ولكنه لم يقبله أم كان متوجها إلى جسم غير شاعر كالجدار ونحوه.
2 - أنه لا وجه صحيح لتفرقة المصنف بين الايجاب والوجوب وبين الكسر والانكسار، بديهة أن الفعل الصادر من الفاعل أمر وحداني لا تعدد فيه بوجه، وإنما التعدد فيه بحسب الاعتبار فقط كالايجاد والوجود فإنهما شئ واحد، غاية الأمر أن هذا الشئ الواحد، بالنسبة إلى جهة الاصدار يسمي ايجادا وبالنسبة إلى جهة الصدور يسمي وجودا، وكذا الحال في التمليك والملك، والإيجار والإجارة، والايجاب والوجوب، والكسر والانكسار، وأشباه ذلك.
ودعوى أن الوجوب ينفك عن الايجاب ولكن الكسر لا ينفك عن الانكسار دعوى جزافية، إذ الايجاب أيضا لا ينفك عن الوجوب، إلا أن عدم انفكاك أحدهما عن الآخر في نظر الأمر فقط لا في الخارج وفي جميع الأنظار.
3 - أن البيع انشاء تبديل عين بعوض في جهة الإضافة (1)، ومن الظاهر أن هذا المعنى لا يتحقق إلا بتعقب الانشاء بالقبول، وعليه فلا يوجد مفهوم البيع بالايجاب إلا عند تعقبه بالقبول بنحو الشرط المتأخر، أو على سبيل القضية الحينية، وإذن فينحل البيع في الحقيقة إلى قضية شرطية أو حينية، فمعنى قول البايع بعت المتاع الفلاني من زيد أنه بعته إياه إن قبله أو حين قبوله.