وتحصل أن الآية المباركة مسوقة لبيان حصر الأسباب الصحيحة بالتجارة عن تراض، سواء أكان الاستثناء متصلا أم كان منقطعا، فدلالة الآية على مفهوم الحصر مما لا ريب فيه، وهو بطلان التجارة عن غير تراض ومنها البيع الفضولي.
أما الوجه الثاني، فقد ناقش فيه المصنف بأن سياق التحديد الموجب لثبوت مفهوم القيد مع تسليمه إنما يثبت فيما إذا لم يرد الوصف مورد الغالب وإلا فلا مفهوم له، ومن الواضح أن الوصف في الآية الشريفة قد ورد مورد الغالب، كما في قوله تعالى: وربائبكم اللاتي في حجوركم (1)، لا للاحتراز لكي يكون له مفهوم.
ويضاف إلى ذلك احتمال أن يكون عن تراض خبرا ثانيا لتكون بناء على نصب تجارة، كما هو المنقول عن قراءة الكوفيين لا قيدا للتجارة، وحينئذ فيلزم وقوع الأكل والتصرف بعد التراضي، سواء تقدم على التجارة أم تأخر عنها، إذ المعنى حينئذ إلا أن يكون سبب الأكل تجارة ويكون عن تراض - انتهى ملخص كلامه.
ويتوجه على الوجه الأول أنه لا شبهة في ثبوت مفهوم الوصف وإلا لكان القيد لغوا، ولكن فائدة القيد ليست انتفاء الحكم عند انتفائه بل فائدته إنما هي الدلالة على عدم ثبوت الحكم للطبيعة السارية، مثلا إذا قال المولي لعبده: أكرم العالم، ليس معناه اثبات وجوب الاكرام للعالم ونفيه عن غيره، بل معناه إنما هو ثبوت وجوب الاكرام للانسان العالم لا لطبيعة الانسان.
وأضف إلى ذلك أنا لو سلمنا عدم دلالة الوصف على المفهوم ولكن ذلك فيما لا قرينة على انتفاء الحكم عند انتفاء القيد، وإلا فلا شبهة في