والانتقال على النحو الذي ذكرناه، على أن احتمال كون عن تراض خبرا ثانيا لتكون بعيد في نفسه ومخالف لظاهر الآية.
ومن هنا ظهر الجواب عما ذكره المحقق صاحب المقابيس (1)، من أنه يمكن أن يكون التقدير على كلتا القراءتين: إلا أن تكون تجارة كاملة عن تراض أو ممضاة عن تراض، فيندرج عقد الفضولي في الآية، لأن كماله وامضاءه بالإجازة، وهذا نظير ما حكي في المجمع عن مذهب الإمامية والشافعية وعن غيرهم، من أن معنى التراضي بالتجارة امضاء البيع بالتفرق أو التخائر بعد العقد، فإن هذا أيضا بعيد عن ظاهر الآية، والتزام بالتقدير بلا ملزم.
والتحقيق في الجواب عن الاستدلال بالآية على بطلان بيع الفضولي ما أشار إليه المحقق صاحب المقابيس وتبعه المصنف، من أن الخطاب في الآية الشريفة لملاك الأموال فيشترط وقوعها أي التجارة برضاهم، ومن البين الذي لا ريب فيه أن التجارة الصادرة من الفضولي لا يطلق عليها أنه تجارة المالك إلا بعد إجازته فإذا أجازها صارت تجارة عن تراض.
وبتعبير آخر أنا ذكرنا مرارا أن حقيقة البيع والتجارة ليست انشاء خالصا وإلا لصدق مفهوم البيع على بيع الهازل والساهي وأشباههما، ولا أنها عبارة عن الاعتبار النفساني المحض وإلا لصدق مفهوم البيع على الاعتبار النفساني الصرف من دون إظهاره بمظهر خارجي، بل حقيقة البيع والتجارة هي الاعتبار النفساني المظهر بمظهر خارجي، وعليه فلو اعتبر أحد في أفق نفسه تبديل ماله بمال غيره وأظهره بمظهر خارجي صدق عليه مفهوم البيع والتجارة.
ومن البديهي أن هذا المعنى لا يصدر إلا من المالك أو ممن هو بمنزلته