أضف إلى ذلك أن الاجماع - هنا - قد انعقد على مفهوم مجمل لا مفهوم مبين لكي يكون النزاع عند الشك في أن الضمان بالمثل أو القيمة في تطبيق المفهوم المبين على المشكوك فيه، وهذا ظاهر لا خفاء فيه.
5 - قوله تعالى: فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم (1)، وعن الشيخ أنه استدل بهذه الآية في المبسوط والخلاف (2) على ضمان المثل في المثلي وضمان القيمة في القيمي، بدعوى أن المماثلة إنما تقتضي ذلك.
ولكن الظاهر أنه لا دلالة فيها على ما يرومه المستدل، إذ الاستدلال بها على ذلك يتوقف على أمور ثلاثة:
الأول: أن تكون كلمة ما في الآية الكريمة موصولة لا مصدرية.
الثاني: أن يراد من هذه الكلمة الموصولة الشئ المعتدي به، بأن يكون المعنى: فاعتدوا عليه بمثل الشئ الذي اعتدي به عليكم.
الثالث: أن يراد من كلمة المثل في الآية الشريفة المثل في المثلي والقيمة في القيمي، وأنى للمستدل اثبات هذه الأمور كلها.
أما الأمر الأول فيرده أنه لا قرينة على أن يراد من كلمة: ما كونها موصولة، بل يحتمل أن تكون مصدرية غير زمانية، وعليه فتكون معنى الآية: أنه اعتدوا عليه بمثل اعتدائه عليكم، وإذن فتختص الآية بالاعتداء بالأفعال، وتبعد عن مورد البحث، بداهة أن مماثل الاتلاف هو الاتلاف دون الضمان، ومن الواضح أن هذا الاحتمال يمنع عن الاستدلال بالآية الكريمة على المقصود.