بل المحكي عن المحقق الأردبيلي في آيات أحكامه هو تعين هذا الاحتمال، فإنه بعد ما ذكر جملة من الآيات التي منها الآية المتقدمة الظاهرة في جواز الاعتداء بالمثل قال: فيها دلالة على جواز القصاص في النفس والطرف والجروح، بل جواز التعويض مطلقا، حتى ضرب المضروب وشتم المشتوم بمثل فعلهما - إلى أن قال: - وتدل على عدم التجاوز عما فعل به وتحريم الظلم والتعدي.
أما الأمر الثاني فيرده أنه لا قرينة على أن المراد من الشئ هو المعتدي به، أعني به الأعيان الخارجية من النقد والعرض، بل يحتمل أن يراد به الفعل أعني به الاعتداء، وعليه فتكون الآية غريبة عن غرض المستدل، حتى مع جعل كلمة: ما فيها موصولة.
ويحتمل أن يراد من الشئ ما هو الأعم من الفعل والمعتدي به، وحينئذ فتدل الآية على جواز اعتداء المضروب بالضرب واعتداء المشتوم بالشتم، وعلى جواز اتلاف المال في مقابل الاتلاف، وعلى جواز أخذ الحنطة بدل الحنطة، وأخذ الفضة بدل الفضة وهكذا.
وعلى هذا الاحتمال لا يستفاد من الآية الضمان - أيضا - بل ولا جواز تملك المغصوب منه شيئا مما أخذه من الغاصب، بل غاية ما يستفاد منها حينئذ إنما هو جواز التصرف في أموال الغاصب على سبيل التقاص بلا كونها ملكا للمتصرف، ضرورة أنه لا ملازمة بين جواز التصرف في شئ وبين كونه ملكا للمتصرف، ومن هنا يجوز التصرف في المأخوذ بالمعاطاة مع عدم كونه ملكا للآخذ، بناءا على أنها تفيد الإباحة فقط.
ولو أغمضنا عن جميع ذلك وسلمنا اختصاص لفظ الموصول بالشئ المعتدي به، ولكن لا نسلم انطباق الآية على مسلك المشهور من جميع الجهات، بديهة أن مفاد الآية على هذا المنهج إنما هو الاعتداء