من المناقشات، ضرورة أن لفظي المثلي والقيمي لم يردا في آية ولا في رواية ولا انعقد عليهما اجماع، لا المحصل ولا المنقول، لكي نبحث عنهما تارة من حيث الشرح والتفسير، وأخرى من حيث الاطراد والانعكاس، وثالثة من سائر الجهات، بل ذكرهما الفقهاء لتعيين ما وجب على الضامن حين الأداء، ولعل هذا هو المقصود من التعاريف المذكورة من غير أن يجعلونها تعاريف حقيقية.
ولعله من هذه الجهة أضيف إلى تعريف المثلي أنه يجوز بيعه سلما أو بعضه ببعض كما عرفته قريبا، إذ لو كان الغرض من تلك التعاريف التعاريف الحقيقية لما جاز ذكرهما فيها لأنهما من الأحكام الشرعية، فلا معنى لأخذها في التعريف، وإذن فالتعاريف المذكورة وغيرها كلها تعاريف لفظية، وإنما ذكرت هنا لبيان غرض وحداني، فاللازم علينا هو بيان هذا الغرض الوحيد.
وتوضيح ذلك اجمالا: أن أوصاف الأشياء على قسمين: إذ قد يكون لها دخل في المالية، وقد لا يكون لها دخل في المالية بوجه.
أما القسم الثاني فهو خارج عن مركز بحثنا لعدم دخله في مالية الموصوف فلا يكون تفويته موجبا للضمان.
أما القسم الأول فإن كانت للموصوف أفراد متماثلة بحسب النوع أو الصنف فهو مثلي، ضرورة أن أفراد الكلي مع فرض تماثلها متساوية الاقدام ومتقاربة الأوصاف من دون تفاو ت بينها في نظر العرف وإن كان بينها فرق بالدقة العقلية، وإن لم يكن الموصوف كذلك فهو قيمي.
وعلى هذا فالمراد من كلمة الأجزاء التي ذكرت في التعاريف المتقدمة إنما هو أفراد الطبيعة لا أجزاء المركب، كما هو واضح، وهذا هو الحجر الأساسي والضابط الكلي في المقام.