بمثل المعتدي به، وعليه فتكون الآية ظاهرة في ضمان المثل في كل من المثلي والقيمي، وحينئذ فإذا تعذر المثل كان دفع القيمة بدلا عن المثل الثابت في الذمة لا بدلا عن العين التالفة ابتداءا، كما يرومه المستدل.
أما الأمر الثالث فيرده عدم وجود القرينة على إرادة ضمان المثل من الآية في المثلي وإرادة ضمان القيمة في القيمي، لأن المماثلة لا تقتضي هذا المعنى بل هي أعم من ذلك.
وتحصل من جميع ما ذكرناه أنه لا دلالة في شئ من الوجوه الماضية على مسلك المشهور، أعني به ضمان المثل في المثلي وضمان القيمة في القيمي.
والتحقيق أن يستدل على ذلك بالسيرة، كما أنا اعتمدنا عليه في القول بالضمان في أصل المسألة، أعني بها مسألة المقبوض بالعقد الفاسد، وبيان ذلك:
إن العقلاء متفقون على أن الانسان إذا أخذ مال غيره ووضع يده عليه بغير سبب شرعي ضمنه بجميع خصوصياته الشخصية والمالية والنوعية، وأنه لا يخرج عن عهدته إلا برد عينه على مالكه، وإذا تلفت العين وجب على الضامن رد ما هو أقرب إليها، لأن تلفها لا يسقط الضمان عنه جزما.
ومن الواضح أن الأقرب إلى العين التالفة إنما هو المثل في المثلي والقيمة في القيمي، وعلى هذا فلا يكتفي برد أحدهما في موضع الآخر إلا برضى المالك، وهذا واضح لا شك فيه.
ويؤيد ذلك أن المرتكز في أذهان العقلاء هو أنه لا يحصل فراغ الذمة إلا بأداء المثل في المثلي وبأداء القيمة في القيمي.