فنقول: إنه استدل على الضمان - في محل الكلام الذي سيتضح لك قريبا - بوجوه شتى:
1 - النبوي المعروف، أعني به قوله (صلى الله عليه وآله): على اليد ما أخذت حتى تؤديه (1).
١ - رواه الحسن البصري، عن سمرة بن جندب، عن النبي (صلى الله عليه وآله)، راجع سنن البيهقي ٦: ٩٠، كتاب العارية، وكنز العمال ٥: ٢٥٧.
أما الحسن البصري فمضافا إلى انكار جماعة منهم سماعه من سمرة أنه من المنحرفين عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وله كلمة جافة في حقه لا تصدر إلا ممن عانده وناواه.
قال المبرد في الكامل ٣: ١١٨: كان الحسن البصري ينكر الحكومة ويترحم في مجلسه على عثمان ثلاثا ويلعن قتلته، ويذكر عليا فيقول: لم يزل على رحمة الله يتعرفه النصر و يساعده الظفر حتى حكم فلم تحكم والحق معك ألا تمضي قدما لا أبا لك وأنت على الحق، قال المبرد: إن هذه كلمة فيها جفاء.
وفي شرح النهج لابن أبي الحديد ١: ٣٦٨: كان الحسن البصرييبغض عليا (عليه السلام) ويذمه و من المخذلين عن نصرته، وقد أنكر على أمير المؤمنين (عليه السلام) إراقته الدماء الكثيرة، فقال له: أو ساءك، قال: نعم، فقال أبو الحسن (عليه السلام): لا زلت مسوءا، فما رؤي الحسن البصري بعد هذا إلا مهموما عابسا إلى أن مات.
أما سمرة هو الذي انحرف عن أمير المؤمنين (عليه السلام) وكان أيام مسير الحسين (عليه السلام) إلى الكوفة على شرطة ابن زياد، وكان يحرض الناس على الخروج إلى الحسين (عليه السلام) وقتاله.
وعن ابن عدي، قال: قدمت المدينة فجلست إلى أبي هريرة، فقال: ممن أنت، قلت: من أهل البصرة، قال: ما فعل سمرة بن جندب، قلت: هو حي، قال: ما أحد أحب إلى طول حياة منه، قلت: ولم ذاك، قال: إن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال لي وله ولحذيفة بن اليمان: آخركم موتا في النار.
وروى واصل أنه كان له نخل في بستان رجل من الأنصار فكان يؤذيه، فشكا الأنصاري ذلك إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فبعث إلى سمرة فدعاه، فقال له: بع نخلك من هذا وخذ ثمنه، قال:
لا أفعل، قال: خذ نخلا مكان نخلك، قال: لا أفعل، قال: فاشتر منه بستانه، قال: لا أفعل، قال:
فاترك لي هذا النخل ولك الجنة، قال: لا أفعل، فقال (صلى الله عليه وآله) للأنصاري: اذهب فاقطع نخله فإنه لا حق له فيه.
إلى غير ذلك من مطاعنه، وقد ذكر ذلك كله ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ٤: ٧٧، المطبوع بمصر سنة 1378.