تكون إشارته إليها أولا وإلى مدلولها ثانيا حتى يكون ابراز ما في النفس بتلك الصيغة الحاضرة في الذهن، كما لا يلزم عليه أن يحرك لسانه على النهج الذي يحركه عند التكلم بالصيغة.
نعم يعتبر أحد الأمرين في القراءة الصلاتية، إذ المطلوب هناك قراءة نفس الألفاظ لا ابراز مداليلها.
وأيضا قد ذكرنا في الجزء الثاني - عند البحث عن أصالة اللزوم في العقود - أن العقد أما بمعنى العهد المطلق كما في بعض الروايات (1)، أو بمعنى العهد المشدد، وعلى كل تقدير فالمعاملة المعاطاتية من مصاديق العقود.
وعليه فلا وجه لما ارتكبه بعض مشائخنا المحققين من بيان مقدمة لاستيضاح كفاية الإشارة من الأخرس، وإليك نصه: إن الأخرس كغيره له عهد مؤكد وعهد غير مؤكد، فالتعاطي منه في الخارج فقط كالتعاطي من غيره عهد غير مؤكد فله حكمه، فالإشارة المفهمة الرافعة للاشتباه منه عهده المؤكد كاللفظ الرافع للاشتباه الذي يتطرق إلى الفعل نوعا عهد مؤكد من القادر (2).
ثم إذا قلنا بجواز مباشرة الأخرس للعقود والايقاعات ولم يدلنا دليل على اعتبار اللفظ في ذلك لكي نحكم بوجوب التوكيل عليه، فهل له أن يتصدى لذلك مخيرا في ابراز ما في نفسه - من الاعتبار - بين الإشارة وبين الكتابة، أم يجب عليه تقديم الأول على الثاني.