فخر الدين - في شرح الإرشاد (1) - إن معنى بعت في لغة العرب ملكت غيري.
وناقش فيه السيد، وإليك نصه:
لا فرق بين الهبة المجانية والمعوضة في كونهما من التمليك حقيقة، وإنما الفرق ذكر العوض وعدمه، فدعوى أن استعماله في خصوص الهبة المعوضة مبني على صحة عقد بلفظ غيره كما تري، نعم في المصالحة يمكن أن يقال بالابتناء المذكور لعدم دلالة لفظ ملكت على معنى المسالمة المعتبرة في حقيقة الصلح، فتدبر (2).
ولكن الظاهر أن السيد لم يصل إلى غرض المصنف، فإن الظاهر أن مراده - من كلامه المتقدم - أن مفهوم التمليك بالعوض يساوق مفهوم البيع، وعليه فإذا أنشئت به الهبة - التي هي متقومة بالتمليك المجاني - توقفت صحتها على جواز انشاء العقود بغير ألفاظ عناوينها، وكذلك الكلام في انشاء البيع بصيغة وهبت.
والذي يدل على أن مراد المصنف هو ما ذكرناه، ما ذكره قبل عبارته المتقدمة، وهذا نصه: وما قيل (3) من أن التمليك يستعمل في الهبة بحيث لا يتبادر عند الاطلاق غيرها، فيه أن الهبة إنما يفهم من تجريد اللفظ عن العوض لا من مادة التمليك، فهي مشتركة معنى بين ما يتضمن المقابلة وبين المجرد عنها، فإن اتصل بالكلام ذكر العوض أفاد المجموع المركب بمقتضى الوضع التركيبي البيع، وإن تجرد عن ذكر العوض اقتضى تجريده الملكية المجانية، ثم ساق العبارة المتقدمة.