ولكن هذا التوهم فاسد، بديهة أن التمليك المطلق وإن كان جامعا بينهما إلا أن تقييده بالعوض يقطع الاشتراك ويخصه بالبيع فقط، لأن حقيقة الهبة متقومة بالتمليك المجاني وإنما يؤخذ فيها العوض بعنوان الاشتراط، ومن الضروري أنه لم يدل دليل على بطلان انشاء البيع بالألفاظ المشتركة معنى مع قيام القرينة على التعيين.
ومن هنا قيل: إن ايجاب البيع بكلمة ملكت بالعوض أصرح من ايجابه بكلمة بعت، ضرورة أن البيع موضوع للنقل بالعوض، وحينئذ ففي مقام الانشاء بلفظ بعت لا بد من تجريده من العوض لكي لا يكون ذكر العوض تكرارا أو يتكلف بجعله تفصيلا لما أجمل في مفهوم البيع.
وعلى هذا فلا وجه لما ذكره بعض مشائخنا المحققين (1)، وحاصل كلامه: أن التمليك له حصص كثيرة:
1 - تمليك عين بعوض، ويسمى هذا بيعا.
2 - تمليك منفعة بعوض، ويسمى هذا إجارة.
3 - التمليك المجاني، ويسمى هذا هبة.
ومن البين أن لفظ البيع إنما وضع لحصة من طبيعي التمليك الذي يتحصص بتعلقه بالعين بمقابلة شئ، لا أنه موضوع لمجموع التمليك بالعوض، بحيث يكون قيد العوض مأخوذا في مفهوم البيع - انتهى ملخص كلامه.
ثم قال المصنف نصا: قد عرفت سابقا أن تعريف البيع بذلك تعريف بمفهومه الحقيقي، فلو أراد منه الهبة المعوضة أو قصد المصالحة بني صحة العقد به على صحة عقد بلفظ غيره مع النية، ويشهد لما ذكرنا قول