وعليه فيكون الأصل في هذه المعاملة - التي هي مورد بحثنا - هو الجواز، فلا يحكم بلزومها بما يوجب لزوم المعاطاة، لا من ناحية الجمع بين الأدلة - كما هو مذهب المصنف - ولا من ناحية الأخذ بالمقدار المتيقن من دليل الجواز - كما هو المختار عندنا - بل المتبع هو اطلاق دليل الاشتراط، إلا أن يدل دليل بالخصوص على اللزوم فيما إذا كان اطلاق.
وأما إذا لم يكن اطلاق في دليل الاشتراط فيتمسك في غير المقدار المتيقن بعموم أدلة اللزوم في العقود، ومعه - أيضا - لا وجه للرجوع إلى استصحاب الجواز، كما كان الأمر كذلك على القول بإفادة المعاطاة الملكية الجائزة.
وقد يكون ما يدل على اعتبار الصيغة الخاصة ظاهرا في اعتبارها في صحة العقد لا في لزومه، فيحكم بفساد العقد مع الاخلال بها أو بشئ من شرائطها، وحينئذ فلا يجوز لكل من المتعاطيين أن يتصرف فيما أخذه من العوض مستندا إلى هذا العقد، سواء أحصل فيه قبض واقباض أم لم يحصل فيه ذلك، فإن شأن المقبوض بذلك شأن المقبوض بسائر العقود الفاسدة.
ولا يقاس ذلك بالمعاملة المعاطاتية على القول بعدم إفادتها الملك، فإن جواز تصرف كل من المتعاطيين فيما انتقل إليه إنما ثبت بالاجماع وبالسيرة القطعية، ولا اجماع في محل الكلام، فتحصل أن الصيغة الفاقدة للخصوصية - المعتبرة في ترتب الملكية ونفوذ المعاملة - وجودها كالعدم، فلا يترتب عليها إباحة التصرف أيضا.
نعم إذا كان القبض والاقباض لا على سبيل الوفاء بالعقد الفاسد بل على سبيل المعاملة المعاطاتية مع قطع النظر عن العقد السابق، بحيث