والتحقيق أن حقيقة كل أمر انشائي من الأوامر والنواهي والعقود والايقاعات متقومة بالاعتبار النفساني المبرز بمظهر خارجي، سواء أكان هذا المبرز فعلا من الأفعال الجوارحية أم كان قولا، وعليه فلا وجه لتخصيص ذلك المبرز بالقول أو بحصة خاصة منه بل يعم القول والفعل كليهما، إلا أن يدل دليل خاص على اعتبار مبرز معين في صحة عقد أو ايقاع ونفوذه شرعا، كما هو الحال في اعتبار اللفظ في صحة عقد النكاح وفي اعتبار اللفظ الخاص في صحة الطلاق.
وعلى هذا الضوء فيصح انشاء عقد البيع وغيره بأي مبرز كان، من غير أن يكون مشروطا بصيغة خاصة فضلا عن أن تكون هذه الصيغة مشروطة بشرط لكي يتكلم في أنه إذا وقع خلل في بعض ما يرجع إلى هذه الصيغة من الشرائط هل تشمله العمومات والمطلقات الدالة على صحة ذلك العقد ولزومه.
ومع الاغضاء عن هذا المنهج الصحيح والالتزام باعتبار قيود معينة في صيغة البيع أو غيره فهل يحكم بفساد الصيغة مع الاخلال ببعض قيودها أم يحكم عليها بحكم المعاطاة.
التحقيق أن ما يدل على اعتبار الصيغة الخاصة في البيع - مثلا - قد يكون ظاهرا في اعتبارها في لزومه، فيحكم بكون البيع بالصيغة الفاقدة لتلك الخصوصية بيعا صحيحا جائزا، إذ المفروض أن المشروط بتلك الخصوصية إنما هو لزوم العقد دون صحته.
وعليه فإن كان لدليل الاشتراط اطلاق أخذ به ويحكم بأن العقد الفاقد لها جائز دائما كسائر العقود الجائزة، ومع وجود الاطلاق لا موضوع للتمسك باستصحاب الجواز، إذ لا مجال لجريان الأصل العملي مع وجود الأصل اللفظي.