ودعوى أن الإباحة من قبيل الأعمال والأفعال، فهي لا تكون عوضا في العقود المعاوضية دعوى جزافية، لأنا ذكرنا في أول الكتاب أن عمل الحر وإن لم يكن مبيعا في البيع، ولكن يصح جعله عوضا فيه، وإذن فلا نعرف وجها صحيحا لما ذكره المصنف من التأمل في صدق التجارة عن تراض على الإباحة المعوضة.
وأما الاستدلال على صحة ذلك بقوله (صلى الله عليه وآله): المؤمنون عند شروطهم، فيرد عليه:
أولا: أن الشرط في اللغة بمعنى الربط بين شيئين، ومن الواضح أن الشروط الابتدائية لا يصدق عليها عنوان الشرط، فتكون خارجة عن حدود الرواية.
ثانيا: أنا لو سلمنا شمول الرواية للشروط الابتدائية، ولكن ليس المراد من الالتزام هو الالتزام الوضعي، بمعنى أن ما التزم به المؤمن لا يزول بفسخه، بل المراد من ذلك أنما هو الالتزام التكليفي، أي يجب على كل مؤمن الوفاء بشرطه، لأنه من علائم ايمانه.
2 - أن تكون الإباحة مشروطة بالتمليك، بأن يبيح ماله لزيد على أن يملكه زيد ماله.
3 - أن تكون الإباحة معلقة بالتمليك، بأن يبيح ماله لزيد إذا ملكه زيد ماله.
4 - أن يكون التمليك عنوانا للموضوع، بأن يقول: أبحت مالي هذا لمن يملكني عشرة دنانير.
5 - أن يبيح ماله لزيد بداعي أن يملك زيد ماله إياه.
أما الوجه الثاني، فإن كان الشرط فيه من قبيل شرط النتيجة، فبقبول المباح له ينتقل ماله إلى المبيح، وإن كان ذلك من قبيل شرط الفعل فيجب عليه التمليك لوجوب الوفاء بالشرط.