ولكن يتوجه عليه أن النقل إنما هو في عالم الاعتبار كالتمليك في البيع وغيره، والاعتبار أمر قائم بالنفس واللفظ أو الفعل مبرز له، ولا مانع من أن يكون الفعل مبرزا لاعتبار الانتقال وإن كان هو الإشارة ونحوها.
أما التدبير والوصية، فمنشأ المناقشة فيهما إنما هو حصر الانشاء المعاطاتي بالاعطاء والأخذ الخارجيين، فإنه لا يعقل انشاء العناوين المذكورة بذلك، بداهة أنهما أمران استقباليان فيستحيل انشاؤهما بفعل يتحقق قبل الموت، وعليه فكل ما يوجد في الخارج من الأفعال لا يكون مصداقا للتدبير أو الوصية.
والجواب عن ذلك: أن عنوان المعاطاة لم يرد في دليل خاص لكي يقتصر على تحقق التعاطي من الطرفين حفظا لذلك العنوان، بل إنما التزمنا بمشروعية المعاملات المعاطاتية من ناحية قيام الفعل مقام القول في ابراز الأمور النفسانية، وعلى هذا فلا يختص الانشاء الفعلي بالاعطاء، والأخذ الخارجيين، بل يجري ذلك في جميع ما هو قابل لابراز الاعتبار النفساني من الإشارة وغيرها، ومن هنا يصح طلاق الأخرس بالإشارة المفهمة.
وعلى الجملة أن القاعدة الأولية تقتضي جريان المعاطاة في جميع العقود والايقاعات، بداهة أنها ليست إلا الاعتبارات النفسانية المبرزة بمبرز خارجي فعلي أو قولي، فإنه على كل حال يصدق على المنشأ عنوان العقد أو الايقاع، فيكون مشمولا للعمومات والاطلاقات الدالة على صحة العقود والايقاعات.
نعم ثبت اعتبار مطلق اللفظ في انشاء عقد النكاح، واعتبار لفظ خاص في انشاء الطلاق، وعليه فيكون ذلك تخصيصا للقاعدة المذكورة كما لا يخفى.