أحد من العقلاء في أن نتيجة أي فعل يصدر من أي فاعل ترجع إلى فاعل هذا الفعل لا إلى غيره، بديهة أنه لا معنى لأن يشرب أحد ماء فيرتوي غيره، أو يأكل أحد طعاما فيشبع الآخر، أو ينام واحد فيستريح صاحبه ، أو يشتغل أحد بالعلوم فيكون غيره عالما، وهكذا سائر الأفعال التكوينية.
وأما التصرفات الاعتبارية كالبيع ونحوه، فترجع نتيجتها إلى المالك لا إلى غيره، لما عرفته مرارا من أن حقيقة البيع تبديل عين بعوض في جهة الإضافة، ومقتضى ذلك هو انتقال المثمن من ملك مالكه إلى ملك مالك الثمن وبالعكس، بأن يفك البائع إضافته القائمة بالمتاع ويجعلها قائمة بالثمن، ويفك المشتري إضافته القائمة بالثمن ويجعلها قائمة بالمتاع.
ومثال ذلك أنه إذا باع زيد طعامه من بكر بدينار، صار الدينار ملكا لزيد، ولو صار ذلك الدينار ملكا لخالد لما صدق عليه مفهوم البيع بوجه، وإذن فيستحيل أن ترجع نتيجة البيع إلى غير المالك.
ومن هنا اتضح لك أن قول القائل: بع مالي لنفسك، إن رجع إلى ما ذكره المصنف من الوجوه الثلاثة المتقدمة فلا بأس به، وإلا فلا مناص عن الحكم بكونه من الأغلاط.
وقد تجلى لك مما أوضحناه حكم سائر العقود والمعاوضات التمليكية، وأيضا ظهر لك مما ذكرناه حكم شراء العمودين، كما ظهر لك من ذلك وجه الالتزام فيه بالملكية الآنية التحقيقية.
ووجه الظهور أنه قد ورد في الشريعة المقدسة أن الانسان لا يملك عموديه، وورد فيها أيضا أنه يجوز للابن أن يشتري عموديه (1)، وقد