ودعوى أن ذلك لم ينشأ بلفظ الصلح لكي يكون مصداقا له، دعوى جزافية إذ لم يشترط في حقيقة المصالحة انشاؤها بلفظ الصلح.
ومن هنا حمل الأصحاب ما ورد في الرواية قول أحد الشريكين لصاحبه: لك ما عندك ولي ما عندي على المصالحة (1)، مع أنه لم ينشأ بمادة الصلح أو التسالم، ومن ذلك أيضا ما ورد في مصالحة الزوجين (2).
الناحية الثانية: أنه إذا قلنا بكون الإباحة بالعوض معاوضة مستقلة، فهل يحكم بلزومها مطلقا أم من طرف المباح له، أم يحكم بجوازها مطلقا وجوه، أقواها أولها، لعموم: المؤمنون عند شروطهم (3)، ثم وسطها، لأن المباح له قد أخرج ماله عن ملكه دون المبيح فإن ماله باق على ملكه وأنه مسلط عليه.
والتحقيق أن الإباحة بالعوض خارجة عن حدود الصلح، بداهة أنها مغائرة لمفهوم الصلح، ومجرد انطباق مفهوم التسالم عليها لا يجعلها من مصاديق المصالحة، وإلا لزم ارجاع جميع العقود حتى النكاح إلى الصلح، بل الإباحة بالعوض تتصور على وجوه شتى:
1 - أن تجعل نفس الإباحة عوضا في المعاملة، بأن يقول أحد لصاحبه:
بعتك هذا الكتاب بإزاء أن تبيحني كتابك الآخر، وهذا لا شبهة في صحته ولزومه للعمومات الدالة على صحة العقود ولزومها.