فهو واضح البطلان، لأن المعاطاة بيع بالحمل الشايع، ومفهوم البيع من المفاهيم العرفية، ومن البديهي أنه لا معنى لقيام الاجماع التعبدي على المفاهيم العرفية اثباتا أو نفيا، إلا أن يكون مراده من ذلك نفي الصحة أو اللزوم، وعليه فيجاب عنه بأن الاجماع المنقول لا دليل على حجيته.
وأما الشهرة فقد ذكرنا في علم الأصول أنه لم يقم دليل على حجيتها لأنها لا تفيد إلا الظن، والظن لا يغني من الحق شيئا، ومع الاغضاء عن ذلك أن الشهرة قد قامت على أن المعاطاة تفيد الإباحة ولم تقم على أنها تفيد الملكية الجائزة، ضرورة أن القول بالملكية لم يكن مغروسا بين قدماء الأصحاب، وإنما ذهب إليه المحقق الكركي وشيد أساسه، ثم تبعه جمع من متأخري المتأخرين حتى اشتهر بينهم (1).
وإذن فتبعد الشهرة عن دعوى الملكية فضلا عن كونها مؤيدة لحصولها، إلا أن يكون غرض المدعي من الشهرة هو الشهرة بين متأخري المتأخرين، ولكن هذه الشهرة معارضة مع الشهرة بين القدماء القائمة على أن المعاطاة تفيد الإباحة.
وعلى الجملة إنا لو فرضنا ثبوت الاتفاق من العلماء على عدم لزوم المعاطاة لم يكشف ذلك عن الدليل المعتبر، بديهة أن قيام الاجماع على نفي اللزوم سالبة بانتفاء الموضوع، كما نبه عليه المصنف، إذ القول باللزوم فرع الملكية، ومن الظاهر أنه لم يقل بها إلا المحقق الثاني وجمع ممن تأخر عنه، وأما قدماء الأصحاب فذهبوا إلى أن المعاطاة تفيد الإباحة.
قوله (رحمه الله): بل يمكن دعوى السيرة على عدم الاكتفاء في البيوع الخطيرة التي يراد بها عدم الرجوع بمجرد التراضي.