قيل: إنا لو سلمنا دلالة الآية على جواز البيع وضعا وتكليفا، أو قلنا بدلالتها على حلية التصرفات واستكشفنا منها الملكية من أول الأمر، لكنها لا تشمل المعاطاة لعدم صدق البيع عليه، إذ البيع إما من مقولة اللفظ - كما عن بعض الأعلام - بدعوى أنه لو كان من قبيل المعنى لزم منه القول بالكلام النفسي الذي هو مدلول الكلام اللفظي، وهو باطل بالضرورة، أو أنه من مقولة المعنى بدعوى أنه لو كان من قبيل اللفظ لم يعقل انشاؤه باللفظ.
وعلى كلا التقديرين لا يصدق مفهوم البيع على المعاطاة، أما على الأول فواضح، وأما على الثاني فلأن البيع وإن كان من قبيل المعنى ولكن صدق عنوان البيع عليه يحتاج إلى ابرازه باللفظ، إذ المفروض أن الكلام النفسي مدلول للكلام اللفظي، ومن الواضح جدا أن المعاطاة لم تبرز باللفظ فتكون خارجة عن حدود البيع جزما.
والجواب عن ذلك: أن البيع ليس اسما لمجرد اللفظ، وإلا لزم تحققه بالتكلم بلفظ بعت، وإن لم يتحقق به الانشاء، ولا أنه اسم للاعتبار النفساني غير المبرز بمظهر خارجي وإلا لزم تحققه بالاعتبار الساذج، وإن لم يكن مبرزا في الخارج، بل هو اسم للاعتبار النفساني المظهر بمبرز خارجي، ومن الواضح أنه لا يعتبر في المبرز أن يكون من قبيل الألفاظ، بل كما يصح ابراز الاعتبار النفساني باللفظ كذلك يصح ابرازه بغيره، وعلى كل حال لا صلة للمقام بالكلام النفسي الذي ذكرنا بطلانه في محله (1).