وإذن فلا وجه للمناقشة في شمول لفظ الحل للحلية الوضعية والتكليفية معا بعدم وجود الجامع بينهما، وهذا واضح لا ريب فيه.
ثم إن الحل قد يتعلق بالأعيان الخارجية، وقد يتعلق بالأفعال الخارجية، وقد يتعلق بالأمور الاعتبارية المبرزة بمبرز خارجي، وعلى الأول فلا يصح الكلام إلا بالتقدير للدلالة الاقتضائية وصيانة لكلام المتكلم عن اللغوية.
ومن هذا القبيل قوله تعالى: أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات (1)، فإن متعلق الحل في هذه الآية إنما هو المطاعم والمآكل والمناكح، ومن الواضح أنه لا معنى لحلية هذه الأمور بنفسها بل المراد من حليتها إنما هو حلية ما تعلق بها من الأفعال المناسبة لها من الأكل والشرب والنكاح.
وعلى الثاني فلا شبهة في صحة الكلام بلا احتياج إلى التقدير، ومنه قوله تعالى: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم (2)، وكذلك الحال في الثالث، ومثاله أن يتعلق الحل بالمعاملات التي هي الاعتبارات النفسانية المظهرة بمبرز خارجي، فإنها بنفسها قابلة للحلية وضعا وتكليفا من دون احتياج إلى التقدير، ومن ذلك قوله تعالى: وأحل الله البيع.
ولا يخفى عليك أن هذه الصور الثلاث التي ذكرناها في استعمالات كلمة الحل جارية بعينها في استعمالات كلمة التحريم أيضا، طابق النعل بالنعل والقذة بالقذة.
والمتحصل من جميع ما بيناه أن معنى قوله تعالى: وأحل الله البيع هو أن الله قد رخص في ايجاد البيع وأطلقه وأرسله، ولم يمنع عن