ألف - أن يراد من الحديث تسلط الناس على كل تصرف من أنحاء التصرفات كما وكيفا، وعليه فإذا شككنا في جواز تصرف خارجي أو اعتباري من حيث الوضع والتكليف تمسكنا بالحديث المزبور لاثبات مشروعية ذلك، ولكن يرد عليه:
أولا: أن الالتزام بهذا الوجه يقتضي أن يكون النبوي في مقام التشريع، بأن يدل على جواز كل تصرف لم تثبت مشروعيته من ناحية الشارع، وعلى هذا فإذا شككنا في جواز تصرف تكويني، كالأكل والشرب، أو اعتباري، كالبيع المعاطاتي ونحوه، تمسكنا بالنبوي لاثبات مشروعية ذلك التصرف، ومن البديهي أنه لم يقل به متفقه فضلا عن الفقيه.
ثانيا: أن هذا الوجه يقتضي الالتزام بمشروعية غير واحد من المحرمات الإلهية، كأكل جملة من الأطعمة المحرمة، وشرب جملة من الأشربة المحرمة، ولبس جملة من الألبسة المحرمة التي هي مملوكة للمتصرف، فإن النسبة بين دليل السلطنة وبين أدلة بعض المحرمات هي العموم من وجه، فيتعارضان في مورد الاجتماع ويتساقطان، فيرجع إلى أصالة الإباحة، مع أن هذا ضروري البطلان، والمتحصل من ذلك أن الوجه المزبور لا يمكن الالتزام به.
ب - ما ذكره المصنف، وحاصله أن عموم الحديث إنما هو باعتبار أنواع السلطنة، كالبيع والإجارة والهبة والصلح وغيرها، وإذا شككنا في مشروعية نوع منها، كالمزارعة والمضاربة والمساقات مثلا، تمسكنا بعموم الحديث ونحكم بثبوت السلطنة هنا أيضا، وأما إذا علمنا بمقدار السلطنة وكميتها، بأن قطعنا بأن سلطنة خاصة نافذة في حق شخص كبيع ماله من غيره ولكن شككنا في كيفية هذه السلطنة وأن هذا البيع هل يوجد بالتعاطي أم لا بد فيه من القول الدال عليه، فإنه حينئذ لا يجوز لنا