أما الوجه في فساد الكبرى، فلأنه لا دليل على انجبار ضعف الرواية بعمل المشهور، لأن الشهرة إن كانت حجة في نفسها أخذ بها وإلا فإن ضمها إلى غير الحجة لا يفيد الاعتبار، وقد اشتهر في الألسنة أن فاقد الشئ لا يكون معطيا له.
نعم إذا كان عملهم وسيلة إلى توثيق الرواية كان ذلك قرينة على حجيتها، بل قد يكون عمل شخص واحد برواية سببا لتوثيقها، إلا أنه غريب عن انجبار ضعف الخبر بعمل المشهور، فإن هذا فيما لم تعلم وثاقة الرواة بل لم تعلم رواة الخبر - كما في المراسيل - ومن البديهي أن عمل المشهور في أشباه ذلك لا يكشف عن وثاقة الرواة.
نعم يحتمل أنهم اطلعوا على قرائن لم نظفر بها، ولكن هذا الاحتمال لا يغني من الحق شيئا، مع أنه منقوض بما صرحوا به من عدم انجبار ضعف الدلالة بعمل المشهور والملاك فيهما واحد، واحتمال الاطلاع على القرائن مشترك بينهما.
وأما الوجه في منع الصغرى، فلأن من المحتمل القريب أن المشهور قد استندوا في فتياهم بصحة البيع المعاطاتي بغير النبوي، من الوجوه التي استدل بها على ذلك، ومن البين الذي لا ريب فيه أنه بناء على انجبار ضعف الرواية بعمل المشهور فإن الشهرة إنما تكون جابرة لوهن الرواية إذا علم استناد المشهور إليها، على أن المشهور بين القدماء هو القول بالإباحة.
وإذن فلا شهرة في المقام لكي تكون جابرة لضعف النبوي، وأما الشهرة بين متأخري المتأخرين فليست بجابرة اتفاقا.
ثانيا: إنا لو سلمنا اعتبار النبوي من حيث السند لكن لا نسلم دلالته على المقصود، فإن المحتمل في معناه وجوه ثلاثة: