يشرط الخيار لأحدهما ويجوز لهما ويجوز لأحدهما ثلاثة وللآخر يومان أو يوم ونحو ذلك بحيث يكون معلوما وهذا كله لا خلاف فيه لكن لو كان المبيع مما يتسارع إليه الفساد فباعه بشرط الخيار ثلاثة أيام فوجهان حكاهما صاحب البيان (أصحهما) يبطل البيع (والثاني) يصح ويباع عند الأشرف على الفساد ويقام ثمنه مقامه وهذا غلط ظاهر قال أصحابنا ويشترط أن تكون المدة متصلة بالعقد فلو شرطا خيار ثلاثة أيام أو دونها من آخر الشهر أو من الغد أو متى شاءا أو شرطا خيار الغد دون اليوم بطل العقد لمنافاته لمقتضاه (قال أصحابنا) ويشترط كون المدة معلومة فان شرطا الخيار مطلقا ولم يقدراه بشئ أو قدراه بمدة مجهولة كقوله بعض يوم أو إلى أن يجئ. زيد أو غير ذلك بطل البيع بلا خلاف عندنا ولو شرطاه إلى وقت طلوع الشمس من الغد جاز بلا خلاف ولو شرطاه إلى طلوعها فقد قال القاضي أبو الطيب في كتابيه التعليق والمجرد قال أبو عبد الله الزبيري في كتاب الفصول لا يصح البيع لان طلوع الشمس قد لا يحصل لحصول غيم في السماء قال فلو قال إلى غروب الشمس أو إلى وقت الغروب صح لان الغروب لا يستعمل الا في سقوط قرص الشمس هذا كلام الزبيري وسكت عليه القاضي أبو الطيب وحكاه أيضا عنه المتولي وسكت عليه (فأما) شرطهما إلى وقت الطلوع والى الغروب أو وقت الغروب فيصح باتفاق الأصحاب كما قاله الزبيري وأما إذا شرطاه إلى الطلوع فقد خالفه غيره وقال بالصحة لان الغيم إنما يمنع من إشراق الشمس واتصال الشعاع لا من نفس الطلوع وهذا هو الصحيح والله أعلم * (أما) إذا تبايعا نهارا بشرط الخيار إلى الليل أو ليلا بشرط الخيار إلى النهار فيصح البيع بلا خلاف ولا يدخل الزمن الآخر في الشرط بلا خلاف عندنا وحكى القاضي أبو الطيب في تعليقه عن أبي حنيفة أنه قال يدخل لان لفظة إلى قد تستعمل بمعنى مع كقوله تعالى (لا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم) دليلنا أن أصل إلى الغاية فهذا حقيقتها فلا تحمل على غيره عند الاطلاق وأما استعمالها بمعنى مع في بعض المواطن ففيه جوابان (أحدهما) أنها مؤولة ففي الآية المذكورة تقديره. مضافة إلى أموالكم (والثاني) أنها استعملت بمعنى مع مجازا فلا يصير إلى المجاز في غيرها بغير قرينة ولأنهم وافقونا على أنه لو باع بثمن مؤجل إلى رمضان لا يدخل رمضان في الأجل والله أعلم * (الرابعة)
(١٩١)