لأحدهما مع الثالث» (1) وسائر التعبيرات القريبة منه، ظاهر جدا في جعل الخيار.
فالقول: بالتحكيم (2) أو الوكالة (3)، مخالف لفتوى الفقهاء، بل لجعل العقلاء بحسب طبعهم وارتكازهم، بل لا معنى للوكالة في مثل المقام، الذي لم يثبت فيه الخيار للموكل، وكون الوكالة بمعنى أن الخيار للأجنبي بجعل المتعامل، عبارة أخرى عن جعل الخيار له، والتسامح في إطلاقها عليه.
وإنما ارتكب المتأخرون ما ارتكبوا من التأويل; لأجل عدم توريث هذا الخيار، وعدم جواز نقله، ومن الواضح أن هذا لا يوجب صرف كلام الجاعل عما جعله، وكلمات الأصحاب إلى شئ بعيد عن الأذهان.
مع أن لازم ما ذكروه، أنه لو صرح الجاعل بجعل الخيار للأجنبي - كجعله لنفسه; أي الخيار المعهود - لصار موروثا وقابلا للانتقال، فلو صح ذلك لا وجه لتأويل الكلمات، وحمل كلام الجاعل على ما يخالف ارتكازه وجعله.
ولو قلنا: بأن جعل الخيار المعهود صحيح، ولكن لا يورث هذا الحق، ولا ينتقل إلى الغير، فنأخذ بظاهر الكلمات، ونحكم بثبوته له وإن كان لا يورث ولا ينتقل.
وأما دعوى: بطلانه من جهة عدم قبوله للإرث والانتقال، فلا وجه لها; لأن انفكاك الحكمين عن بعض الحقوق، غير عزيز.
وبالجملة: لا إشكال في ظهور معقد الإجماع في جواز جعل الخيار