زدت للأول والثاني في التحية ولم تزد للثالث فقال إنه لم يبق لي من التحية شيئا فرددت عليه مثله وعن مجمع البيان بعد ان فسر التحية بالسلام وقال في تفسير الآية حاكيا عن ابن عباس امر الله المسلمين برد السلام على المسلم بأحسن مما سلم ان كان مؤمنا والا فليقل وعليكم لا يزيد على بذلك فقوله بأحسن منها للمسلمين خاصة وقوله أوردوها لأهل الكتاب انتهى فعلى هذا يكون الامر بالأحسن ندبيا إذ لا خلاف على الظاهر في جواز الاكتفاء بالرد بالمثل أيضا للمسلمين ويحتمل ان يكون غرضه بيان المورد وان المسلم هو الذي ورد فيه الامر يرد سلامه بأحسن مما سلم واما أهل الكتاب فلا يجوز الا ان يرد تحيتهم من غير زيادة فكون قوله (ع) أوردوها لأهل الكتاب بهذا المعنى لا ان ورد فيهم بالخصوص وحكى عن كنز العرفان انه فسر التحية الواردة في الآية بما يعم كل بر واحسان فقال ما لفظه واعلم أنه لم يرد بحييتم سلام عليك بل كل تحية وبر واحسان انتهى ويشهد له ما عن علي بن إبراهيم في تفسيره مرسلا إلى الصادقين من أن المراد بالتحية في الآية السلام وغيره من البر وما عن الصدوق في الخصال بسنده في حديث طويل عن أبي جعفر عن ابائه عن أمير المؤمنين (ع) قال إذا عطس أحدكم قولوا يرحمكم الله ويقول هو يغفر الله لكم ويرحمكم قال الله تعالى وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أوردوها وعن كتاب المناقب لابن شهرآشوب جاءت جارية للحسن (ع) بطاق ريحان فقال لها أنت حرة لوجه الله فقيل له في ذلك فقال أدبنا لله تعالى فقال إذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها وكان أحسن منها عتقها ولكن الاعتماد على مثل هذه الأخبار في تفسير الآية لا يخلوا من اشكال مع قوة احتمال كون الاستشهاد بالآية في الخبرين خصوصا الأخير منهما بملاحظة المناسبة بين موردهما لا اندراج مورد الخبرين في موضوع الآية حقيقة وعلى تقدير ان يكون المراد بالتحية في الآية ما يعم كل بر واحسان قولي أو فعلي وجب حملها على الندب إذ لا يمكن الالتزام بوجوب رد التحية بهذا المعنى فإنه كاد ان يكون مصادما للضرورة فضلا عن مخالفته للاجماع ومن هنا قال في الحدائق بعد ان استشهد للمعنى المزبور بالاخبار المزبورة ما لفظه بقي هنا اشكال وهو انه على تقدير العموم في الآية يلزم وجوب تعويض كل بر واحسان والظاهر أنه لا قائل به بل ربما دلت الأخبار على العدم ثم قال ويمكن حمل الآية على الرجحان المطلق الشامل للوجوب والاستحباب وعلى هذا فالاستدلال بالآية المذكورة على وجوب الرد لا يخلو من الاشكال الا ان يقال إن الواجب الحمل على مقتضى ظاهر الامر وقيام الدليل الصارف في بعض الافراد لا يستلزم القول بذلك فيما لا دليل عليه انتهى وفيه انه لا يبقى للامر ظهور في الوجوب بعد ان علم بعدم ارادته منه في جل انحاء البر والاحسان القولي والفعلي التي هي فوق حد الاحصاء فالحق ما أشرنا إليه من أنه على تقدير إرادة العموم من الآية يتعين حملها على الندب فيما لم يدل دليل خارجي من نص أو اجماع على وجوبه ولكن لم يثبت إرادة هذا المعنى منها فالمتجه ابقاء الامر على ظاهره من الوجوب وحمل التحية على معناها المعروف وهو اما خصوص السلام كما هو ظاهر الأكثر أو الأعم منه ومما هو بمنزلته عرفا كما نفينا البعد عنه على اشكال ينشأ من انا وان قلنا بان التحية اسم للأعم و لكن اطلاقها ينصرف إلى ما هو الشائع المتعارف الذي جعله الشارع تحية للمسلمين فما عن العلامة في التحرير من أنه لو حياه بغير السلام فالأقرب جواز الرد به لعموم الآية وفي المنتهى لو حيا بغير السلام فعندي فيه تردد وأقربه جواز رده لعموم الآية وعن الشهيد في البيان والأشبه وجوب رد التحية بالصباح والمساء وشبههما بلفظ السلام أو الدعاء فان رد مثله وقصد الدعاء جاز وان قصد مجرد الرد أمكن الجواز انتهى لا يخلو عن نظر وكيف كان فمرادهما بالجواز على الظاهر انما هو جوازه في الصلاة الناشي من الوجوب الذي يقتضيه عموم الآية كجواز رد السلام فبها لا جوازه من حيث هو في سائر الأحوال فان هذا مما لا شبهة فيه كما أن الظاهر أن مقصودهما بالتحية بغير السلام هو ما إذا استعمل ذلك الغير تحية بمنزلة السلام بحيث يصحح عرفا ردة بالسلام والا فالظاهر عدم التزام أحد بوجوب رد مثل صبحك الله بالخير ونحوه ومن الأدعية التي يتأدب بها العرف في مقام التعارف والتواضع كالدعاء بالسلامة والعافية والحفظ ونحوه عند عيادة المريض والأكل والشرب والتوديع والخروج من الحمام وغير ذلك من المواضع التي يتعارف الدعاء فيها بما يناسبها فإنه لم ينقل القول بالوجوب في شئ من هذه الموارد بعن أحد عدى ما سمعته في تسميت العاطس نعم قضية استدلالهم هناك بكونه تحية واستشهادهم له بالخبر المتقدم المروي عن الخصال الالتزام به في جميع هذه الموارد لأن الجميع من واد واحد بنظر العرف ولكنه لم ينقل الالتزام به عن أحد وكيف كان فقد ظهر ضعفه بما مر وحكى عن بعض المحدثين القول أو الميل إلى وجوب رد الكتابة واختاره بعض متأخري المتأخرين لصحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليه السلام قال رد جواب الكتاب واجب كوجوب رد السلام والبادي بالسلام أولى بالله ورسوله وفيه ان العادة قاضية بأنه لو كان رد جواب الكتاب واجبا في الشريعة لصار بواسطة عموم الابتلاء به من الضروريات فكيف يختفي ذلك في الشريعة على وجه استقرت السيرة على في لالتزام به وتركه من غير نكير كما أومى إليه في الجواهر حيث أجاب عن هذا الخبر بأنه لا يخرج بمثله عن السيرة القطعية فالمراد بالوجوب بحسب الظاهر تأكد طلبه على وجه لا ينبغي مخالفته لا الوجوب بمعناه المصطلح واردة المعنى المزبور من لفظ الوجوب في الأخبار بل وكذا في عبائر القدماء غير عزيز كما لا يخفى على المتتبع فتلخص مما ذكر ان التحية التي يجب ردها بحسب الظاهر هو السلام لا غير وقضية اطلاق الآية وبعض النصوص الآتية وجوب رده مطلقا باي صيغة تكون ولو بلفظ عليك السلام أو سلاما أو سلام أو سلامي ونحوه اللهم الا ان يدعى انصرافه إلى الصيغ المتعارفة التي ادعى انحصارها في الأربع وهي السلام عليكم والسلام عليك وسلام عليكم وسلام عليك وفيه نظر بلا منع فما قواه بعض من عدم وجوب الرد لو سلم بغير هذه الصيغ الأربع ضعيف نعم قد يقال فيما لو قدم الظرف بعدم وجوب رواية نظرا إلى ما ادعاه العلامة في التذكرة من أنه لو قال عليك السلام لم يكن مسلما انما هي صيغة جواب مؤيدا بالنهي عنه فيما رواه العامة عنه صلى الله عليه وآله أنه قال لمن قال له عليك السلام يا رسول الله لا تقل عليك السلام تحية الموتى إذا سلمت فقل سلام عليك يقول الراد عليك السلام وفيه ما لا يخفى من صحة استعماله ابتداء
(٤٢١)