إلى عرفات وفيها أيضا انها معارضة بما دل على تعين التمام مع في لرجوع ليومه فيرجع بعد الاغماض عن الترجيح إلى عمومات اخبار التحديد بالثمانية الذهابية ولو حصل التعارض معها أيضا وجب الرجوع إلى اصالة التمام هذا غاية ما يمكن ان يقال بل قيل في تشييد القول بوجوب الاتمام وفيه أولا ان عمدة المستند للقول بالتلفيق كونه أجمل وجوه الجمع بين الاخبار المختلفة الواردة في الباب على وجه لا يلزم منه طرح شئ منها بل ارتكاب تأويل قريب لا يأبى عنه شئ منها مع وجود شواهد له اما الاخبار التي ورد فيها التحديد بالثمانية أو بريدين أو مسيرة يوم فظاهرها وان كان إرادة المسافة الواقعة بين المكان الذي ينشأ منه السفر وبين مقصده أي لامتدادية ولكن جملها على إرادة تحديد مطلق سيره الذي ينتهى إليه سفره أعم من أن يكون امتداديا أو ملفقا من بريد ذاهبا وبريد جائيا أو تقييدها بما إذا لم يقصد الرجوع قبل إقامة العشرة وما بحكمها غير بعيد خصوصا بعد ان علم بعدم كون ظاهرها مرادا على الاطلاق إذا القاصد للرجوع من يومه غير معتبر في حقه هذا الحد جزما ان كان المقصود به خصوص الامتدادية فكما جاز تخصيصها بالنسبة إلى هذا الفرد كذلك جاز تقييدها بغير مريد الرجوع بعد مساعدة الدليل عليه وهو اخبار عرفة وغيرها مما هو نص في ذلك واما الاخبار التي ورد فيها التحديد بالأربعة أو البريد على الاطلاق فهي أيضا غير أبية عن ذلك بل بالنسبة إليها لا يعد هذا التقييد تأويلا إذ المنساق من تحديد السفر بالبريد مثلا ارادته من منزله الذي قصده الرجوع إليه في الغالب بحيث لو كان مدرك الحكم منحصرا في هذه الأخبار لكان الحكم بكفاية مجرد الأربعة وان لم يقصد الرجوع اخذا باطلاق هذه الأخبار في غاية الاشكال كما هو الشأن في سائل المطلقات الواردة مورد الغالب فما عن ظاهر الكليني من القول بكفاية الأربعة مطلقا في غاية الضعف مع أن منشأ الاستظهار ليس الا اقتصاره على نقل اخبار الأربعة التي قد عرفت انه ليس لها ظهور يعتد به في ذلك فمخالفته للقائلين بالتلفيق مط غير معلومة وكيف كان فتنزيل اخبار الأربعة أيضا على مريد الرجوع لو لم نقل بانصرافها في حد ذاتها إليه من اهوان التصرفات واما تقييد الرجوع بكونه ليومه فهو مستلزم لطرح أغلب الروايات التي ورد فيها التحديد بالبريد كأخبار عرفات وغيرها من الروايات الآتية عن هذا النحو من التقييد بل هو بالنسبة إلى ما عداها من الروايات المطلقة أيضا لا يخلو من بعد لكونه تخصيصا بالفرد النادر إذ ليس المقصود بالبريد خصوصه من غير زيادة كي لا يكون رجوعه ليومه نادرا بل المقصود به البريد فيما زاد واشتراط الرجوع معتبر في ما دون الثمانية مط مع أنه قلما يتفق الرجوع ليومه في الاسفار البالغة إلى ستة أو سبعة فراسخ هذا مع أنه لا مقتضى لهذا التقييد إذ لا شاهد عليه عدى يترائى من التعليل بشغل اليوم الواقع في الموثقة المزبورة وهو لدى التدبر فيه على خلافه أدل حيث إن المقصود بالتعليل على ما يشهد به سوق السؤال رفع استبعاد السائل وتعجبه من تحديد التقصير بالبريد ببيان اندراجه برجوعه الذي هو جزء من سفره في الموضوع الذي كان معهودا لديهم كونه حدا للتقصير وهو مسيرة يوم بالسير المتعارف للقوافل المحدودة شرعا بالبريدين وثمانية فراسخ فقوله ع انه إذا ذهب بريدا ورجع بريدا فقد شغل يومه في قوة ان يقال لأنه إذا ذهب ورجع فقد بلغ سفره الحد الذي عرف في الشريعة كونه حدا للتقصير فشغل يومه الذي وقع التعبير به في التعليل وان كان موقوفا على رجوعه ليومه ولكن لا مدخلية لفعليته فيما هو مناط التقصير الا من حيث الكاشفية عن كون مقدار سيره بالغا إلى هذا الاحد كما عرفته في صدر المبحث ولو أريد منه اعتباره بالفعل في العلية في خصوص المورد كما عليه مبنى الاستدلال للزم حمله على كونه علة تعبدية في خصوص مورد وهو في غاية البعد عن مساق التعليل مع أن مقتضاه عدم حصول المسافة المعتبرة في التقصير بذهابه ورجوعه ليومه في سعة الوقت خصوصا قبل الزوال حيث إنه لا يصدق عليه انه شغل يومه بل بعض يومه مع أنه لا يلتزم به القائلون بالتقييد هذا مع أنه لا بد من حمل قوله عليه السلام فقد شغل يومه على ارادته من باب الفرض لا التحقيق فان من الواضح ان الإمام عليه السلام لم يقصد باطلاق قوله ع في بريد في جواب سؤاله عن التقصير خصوص السفر المقيد بوقوع مجموع ذهابه ورجوعه في اليوم بحيث لو ذهب بريدا ورجع في تلك الليلة أو ذهب في اخر هذا اليوم ورجع في أول الليل لكان خارجا عن مورد هذا الحكم فكونه شاغلا ليومه مبنى على فرض كون ذهابه ورجوعه واقعا في يوم لا على تحققه فكما يصدق على ما لو فرض حصول مجموع سيره في ليلة أو في الملفق من اليوم والليلة انه لو كان هذا السفر حاصلا في يوم لكان شاغلا ليومه كذلك يصدق عليه ذلك لو كان حاصلا في ليالي أو أيام متعددة ودعوى ان المنساق منه اتصال رجوعه بذهابه وان لم يكن واقعا في اليوم عرية عن الشاهد ثم لو سلم ظهور هذه الرواية بل صراحتها في اعتبار شغل يومه بالفعل لا فرضا في جواز التقصير لوجب رد علمها إلى أهله لعدم صلاحيتها لمعارضة النصوص المستفيضة الواردة في أهل مكة وغيرها مما هو نص في جواز التقصير لغير مريد الرجوع ليومه وتوهم وهن تلك لاخبار بأغراض المشهور مدفوع بعدم تحقق الاغراض عنها كيف وقد نسب إلى المشهور القول بالتخيير جميعا بين هذه الأخبار واخبار الثمانية كما سيأتي التكلم فيه وقد ظهر بما ذكر ضعف الاستدلال لوجوب الاتمام على مريد الرجوع لا ليومه بخبر عبد الرحمن بن الحجاج وغيره مما ذكر فان غاية ما يمكن ادعائه انما هو ظهور هذه الأخبار بملاحظة ما فيها من ترك الاستفصال في ذلك فهي غير صالحة لمعارضة الروايات الصريحة في خلافه مع أن من المحتمل قويا ان يكون الامر بالاتمام في خبر عبد الرحمن لكون ضيعته بحكم الوطن اما مط أو في الجملة كما يأتي التكلم فيه انشاء الله أو لعدم كون الرجوع ملحوظا في السؤال لعدم كونه مضطرا إليه من غير إقامة فلعله كان عازما على الإقامة هناك ولو لأجل ان لا ينتقص صومه فليس لهذه الرواية من حيث هي ظهور يعتد به في المدعى فضلا عن مكافئة اخبار أهل مكة وغيرها مما هو نص في خلافه هذا مع معارضتها بالخصوص لموثقة ابن بكير المتقدمة التي ورد فيها الامر بالتقصير لمن خرج من الكوفة إلى القادسية وهكذا الكلام في رواية عمار فان غايتها الظهور فبما ذكر فلا تصلح لمعارضة النص الخاص المصرح بالتقصير واما ما ورد فيمن خرج من منزله يريد منزلا اخر أو ضيعة أخرى فهو بظاهره وارد فيمن يريد البقاء في ذلك المنزل فلا دلالة فيه على حكم مريد الرجوع فضلا عن المعارضة لما عرفت فظهر بما ذكر ضعف ما قيل في تضعيف الاستدلال بأخبار أهل مكة من أنها معارضة بما دل على تعين التمام على مريد الرجوع لغير يومه إذ لم نقف على نص خاص وارد بذلك
(٧٢٨)