قال انما وجبت الجمعة على من يكون على رأس فرسخين لا أكثر من ذلك لان ما تقصر فيه الصلاة بريد ذاهبا وبريد جائيا والبريد أربعة فراسخ فوجبت الجمعة على من هو على نصف البريد الذي يجب فيه التقصير وذلك لأنه يجيئ فرسخين ويرجع فرسخين وذلك أربعة فراسخ وهو نصف طريق المسافر وعن الحسن بن علي بن شعبة في كتاب تحف العقول عن الرضا ع في كتابه إلى المأمون قال والتقصير في أربعة فراسخ بريد ذاهبا وبريد جائيا اثنى عشر ميلا وإذا قصرت أفطرت وهذه الأخبار كما تراها واضحة الدلالة على أن السفر الموجب للتقصير حده بريدان امتدادية كانت أم ملفقة من بريد ذاهبا وبريد جائيا فهي كاشفة عن أن المراد بالا خبار التي وقع فيها التحديد بالبريدين جنس البريدين الصادق على كل من القسمين وان المراد بالروايات التي ورد فيها التحديد بالبريد السفر الذي يقصد به العود من غير تخلل إقامة العشرة أو غيرها من القواطع كما هو الغالب في مثل هذه الاسفار بل المتيقن من مورد أغلبها فلا منافاة ح بين شئ من الروايات المزبورة عدى ما في صحيحة عمران بن محمد المتقدمة من الامر بالاتمام في ضيعته التي هي على خمسة عشر ميلا والتقصير في طريقه فإنه ان كانت ضيعته بمنزلة وطنه وجب ان يكون خمسة فراسخ التي لم يقصد فيها الرجوع مسافة التقصير وهو مخالف لصريح الروايات الدالة على أن التقصير لا يكون في أقل من بريدين أو بريد ذاهبا وجائيا وان لم تكن بمنزلة الوطن فلا يجب عليه الاتمام فيها بل القصر كما في الطريق وقد وجه غير واحد الامر بالاتمام في الضيعة بالحمل على التقية لموافقة لمذهب العامة نعم بناء على ما نسب إلى المشهور من التخيير لغير بريد الرجوع ليومه المتجه حمل التفصيل الواقع في هذه الصحيحة بين الضيعة وطريقها على الأولوية والفضل فتنهض ح هذه الرواية مؤيدة لهذا القول الا ان الالتزام به في حد ذاته في غاية الاشكال إذ لا دلالة بل ولا اشعار في شئ من الأخبار المعتبرة بالتخيير ولا الجمع بينها مقتض لذلك لما عرفت من أن مقتضى الجمع بينها بل مفاد مجموعها عند ملاحظة المجموع ان المسافة الموجبة للتقصير أعم من الثمانية الممتد لم والملفقة وبهذا يرتفع التنافي بين الاخبار من غير حاجة إلى التصرف في اخبار الأربعة بحملها على الرخصة وحمل اخبار الثمانية على الوجوب بل الجمع المزبور بظاهره مقتض لاتحاد حكم الجميع من حيث الوجوب مع أن جملة من الروايات الامرة بالتقصير في الأربع كأخبار عرفات كادت تكون صريحة في وجوب التقصير واستحقاق المذمة والعقوبة بمخالفته فتلخص مما ذكر ان الذي يظهر من ملاحظة مجموع الاخبار بعد ضم بعضها إلى بعض على وجه لا يبقى مجال للتشكيك فيه هو ان المسافة الموجبة للتقصير حده ثمانية فراسخ سواء كانت امتدادية أم ملفقة وظاهرها اتحاد الحكم في الجميع من حيث تحتم التقصير ولذا اشتهر القول بوجوب التقصير في الملفقة أيضا بين متأخري المتأخرين حتى اعترف جلهم لولا كلهم بقوته من حيث الدليل ولكن مع ذلك لم يجزم جملة منهم بذلك لوهنه لديهم بأعراض الأصحاب عنه من زمن العماني إلى زمان المحدث الكاشاني وصاحب البحار على ما صرح به شيخنا المرتضى ره بل قال لم ينقل بعضهم هذا الخلاف في عداد الأقوال بل عن الحلى وغيره دعوى الاجماع وعدم الخلاف على عدم تحتم القصر في المقام وقد اعترف شيخنا المرتضى ره في موضع من المؤلفات المنسوبة إليه في صلاة المسافر بذلك ولكن قد يلوح من موضع اخر منها الميل أو القول بوجوب القصر فيما لو رجع ليومه والاتمام في غيره كما لعله هو اشهر الأقوال في المسألة وان نسب في الجواهر القول بالتخيير في غير مريد الرجوع ليومه إلى المشهور ولكن لم نتحققه وكيف كان فعمدة مستند هذا القول مضافا إلى اصالة التمام الروايات الدالة بظاهرها على عدم جواز التقصير في أقل من بريدين مقتصرا في رفع اليد عن ظاهرها على القدر المتيقن مما ثبت فيه التلفيق وهو ما إذا رجع ليومه لا غير نظرا إلى أن ما دل على كفاية التلفيق طوائف من الاخبار إحداها ما دل على أن المسافة بريد ذاهبا وبريد جائيا وأجيب عنه أولا بان المتبادر من هذا الصنف من الاخبار إرادة الرجوع ليومه وعلى تقدير تسليم ظهورها في الاطلاق وجب تقييدها بموثقة ابن مسلم المعللة للقصر في البريد بأنه إذا رجع بريدا فقد شغل يومه الثانية ما دل على أن قاصد الثمانية إذا رجع عن قصده قصران سار بريدا وهى رواية إسحاق بن عمار الواردة في منتظر الرفقة ورواية المروى المشتملة على أربعة فراسخ المحمول على الفراسخ الخراسانية ومرسلة صفوان الواردة فيمن بلغ النهروان من دون قصد ورواية أبى ولاد الواردة فيمن قصد قصر أبى هبيرة فبدا له في الليل الرجوع والأوليان ضعيفتان سندا والأخيرتان يمكن حملهما على الرجوع ليومه أو ليلته جمعا بينهما وبين الروايات الظاهرة في في لقصر مع طي ما دون الثمانية وان رجع بعد اليوم مثل ما عن الشيخ باسناده عن عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله ع قال سألته عن التقصير في الصلاة فقلت له ان لي ضيعة قريبة من الكوفة و هي بمنزلة القادسية من الكوفة فربما عرضت لي حاجة انتفع بها أو يضرني القعود منها في رمضان فأكره الخروج إليها لأني لا أدرى أصوم أو أفطر فقال لي فأخرج وأتم الصلاة وصم فانى قد رأيت القادسية الحديث إذ الغالب في مثل الفرض في رادة الرجوع ليومه ولا العزم على الإقامة في ذلك المكان ولا أقل من ظهور الرواية بمقتضى اطلاقها في في لتقصير ولو مع قصده الرجوع قبل العشرة والقادسية على ما تقدم نقله عن المغرب خمسة عشر ميلا من الكوفة ورواية عمار عن أبي عبد الله ع قال سألته عن الرجل يخرج في حاجة فيسير خمسة فراسخ ويأتي قرية فينزل فيها ثم يخرج منها فيسير خمسة فراسخ أخرى أو ستة فراسخ لا يجوز ذلك ثم ينزل في ذلك الموضع قال لا يكون مسافرا حتى يسير من منزله أو قريته ثمانية فراسخ فليتم الصلاة أقول يعنى حتى يسير بقصد ثمانية فراسخ كما صرح به في الوسائل وغيره وظاهرها إرادة الامتدادية خصوصا بملاحظة ما فيها من ترك الاستفصال مع أن الغالب في مثل ما وقع عنه السؤال عدم انفكاكه عن قصد الرجوع و لكن لا ليومه فهذه الرواية بملاحظة ما فيها من ترك الاستفصال كالنص في وجوب الاتمام لغير مريد الرجوع ليومه ومرسلة عبد الله بن بكير عن بعض أصحابنا عن أبي عبد الله ع في الرجل يخرج من منزله يريد منزلا له اخر أو ضيعته له أخرى قال إن كان بينه وبين منزله أو ضيعته التي يؤم بريدان قصر وان كان دون ذلك أتم فهذه الروايات بظاهرها تدل على وجوب التمام وان رجع لغير يومه فتعارض الروايات المتقدمة فيرجع بعد الاغماض عن الترجيح إلى اطلاق في لقصر فيما دون الثمانية الظاهرة بل الصريحة في الذهابية واما اطلاقات التلفيق فقد عرفت انها مقيدة بموثقة ابن مسلم والثالثة الأخبار الدالة على وجوب القصر على أهل مكة إذا اذهبوا
(٧٢٧)