ذكرها الشيخ مرسلا لها غير مسند ولا محيل على سند فلو لم تصح عنده لم يتعرض لها حتى ينبه على ضعفها فلا تقصر فتواه عن روايته ثم ليس فيها مخالفة الافعال الصلاة غير التقدم والتأخر والتخلف بركن وكل ذلك غير قادح في صحة الصلاة اختيارا فكيف عند الضرورة انتهى وانكر عليه ذلك صاحب الحدائق من وجوه أشد الانكار والحق انه ان سلمنا جواز مثل هذه الأفعال اختيارا فلا خرج في فعلها والا فكون روايتها صحيحة عند الشيخ أو كونها مشهورة في النقل غير مجد في اثباتها إذ لم يثبت حجية شئ من ذلك لدينا اللهم الا ان يقال إن ارسال الشيخ لها وجزمه بصحة نقلها واشتهار هذه الصلاة في النقل كما ادعاه في الذكرى واعتضاده بنقل أبى عباس المحكى في المنتهى يورث الوثوق بصحة النقل فيكون حاله حال سائر الروايات الضعيفة المنجبرة الشهرة وغيرها من امارات الوثوق فالانصاف ان الاعتماد على هذا النقل في اثبات هذه الصلاة بدعوى انجباره بما سمعت ليس بالبعيد والعجب من مبالغة صاحب الحدائق في الانكار على الشهيد فيما سمعت مع أنه ممن يرى وجوب العمل بكل ما أودعه الشيخ في التهذيب وكذا الصدوق في الفقيه من المراسيل والاخبار الضعيفة اعتمادا على تعهدهما في الكتابين بان لا يودعا فيهما الا ما كان حجة بينهما وبين الله فهل يقصر عن ذلك ما نقله في المبسوط من فعل النبي وتعويله عليه في الفتوى فليتأمل واما صلاة المطاردة وتسمى صلاة شدة الخوف مثل ان ينتهى الحال إلى الموافقة والمنازلة والمعانقة والمسايفة والمراد؟ ونحو ذلك يصلى على حسب امكانه واقفا أو ماشيا أو راكبا أو غير ذلك ويستقبل القبلة بتكبيرة الاحرام ثم يستمر ان أمكنه الاستمرار والا استقبل ما أمكن وصلى مع التعذر للاستقبال حتى بالتكبيرة إلى أي الجهات أمكن لما عرفت في مبحث القيام والاستقبال وغيرهما من الافعال المعتبرة في الصلاة من أن اعتبارها انها هو في حال التمكن والا فالصلاة لا تسقط بحال ولا يسقط الميسور بالمعسور وما لا يدرك كله لا يترك كله مضافا إلى خصوص المعتبرة المستفيضة الواردة في المقام مثل ما عن الصدوق في الصحيح عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام أنه قال الذي يخاف اللصوص والسبع تصلى صلاة الموافقة ايماء على دابته قلت أرأيت ان لم يكن المواقف على وضوء كيف يصنع ولا يقدر على الرسول قال ليتيمم من كبد سرجه ومعرفة دابته فان فيها غبارا و يصلى ويجعل السجود اخفض من الركوع ولا يدور إلى القبلة ولكن أينما دارت به دابته غير أنه يستقبل القبلة بأول تكبيرة حين يتوجه وعن الكليني باسناده عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال قلت له أرأيت ان لم يكن المواقف على وضوء الحديث أقول وكان المراد بالمواقف في هذه الصحيحة على ما يستشعر من السؤال والجواب من كان كخائف اللصوص ونحوه متمكنا من الصلاة مع الايماء ولكن يشق عليه النزول والاستقرار والاستقبال فهو بمقتضى العادة متمكن من أن يتوجه إلى القبلة بأول تكبيرة ولذا امره به والا فلو بلغ الحال به إلى أن يشق عليه ذلك كما هو الغالب فيما لو كان بالفعل مشغولا بالمسايفة والمعانقة لم يعتبر ذلك أيضا كما يدل عليه مضافا إلى ما تقدمت الإشارة إليه صحيحة زرارة وفضيل ومحمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال في صلاة الخوف عند المطاردة والمناوشة يصلى كل انسان منهم بالايماء حيث كان وجهه وان كانت المسايفة والمعانقة وتلاحم القتال فان أمير المؤمنين ع ليلة صفين وهى ليلة الهرير لم يكن صلاتهم الظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة عند وقت كل صلاة الا التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد والدعاء فكانت تلك صلاتهم لم يأمرهم بإعادة الصلاة قوله عليه السلام فان كانت المسايفة الخ مسوق لبيان انه إذا بلغ الحال إلى هذا الحد سقط اعتبار الايماء أيضا كما في ليلة الهرير إلى غير ذلك من الروايات الآتية ويظهر بالتدبر في نفس هذه الأخبار فضلا عما يقتضيه الجمع بينها وبين غيرها من القواعد الكلية ان التخفيف المرعى في هذا الباب من الاكتفاء بالايماء أو غيره مما ستعرف مبناه الضرورة فهي تقدر بقدرها فلو فرض تمكنه من بعض الأفعال دون بعض كالركوع مثلا دون السجود أو الاستقرار في بعض صلاته أو الاستقبال كذلك من غير أن يكون ذلك حرجا عليه ولا منافيا نعمله لم يجز له اهماله فلا يجوز له الانتقال إلى مرتبة من مراتب الضرورة الأول قد تعسر عليه ما فوقها كما عرفته في المريض فما ورد في بعض اخبار الباب من اطلاق الامر بالايماء وفي جملة منها الامر بالتكبير أو مع التهليل والتسبيح من غير ايماء فيها إلى الايماء للركوع والسجود انما أريد منها ذلك لدى الضرورة بقرينة موردها فهي منصرفة عمار لو تمكن من فعل الركوع أو السجود بلا حرج ومشقة أصلا كما أن ما ورد فيه الامر ببدلية التكبير عن الركعة منصرف عما لو تمكن من الاتيان بصلاة تامة مع الايماء فمن تمكن مثلا من النزول عن راحلته والصلاة على الأرض ولو في حال السجود بلا مشقة أو ضرورة مقتضية لتركه وجب عليه ذلك وإذا لم يتمكن من النزول صلى راكبا وسجد على قربوس فرسه مثلا لدى التمكن بلا خلاف فيه على الظاهر لما أشرنا إليه من عدم سقوط الميسور بالمعسور وما في اخبار الباب من اطلاق الامر بالايماء جار مجرى الغالب من تعسر السجود عليه وهو بهذا الحال واما تخصيص القربوس بالذكر فهو بحسب الظاهر جار مجرى العادة فلو لم يكن لفرسه قربوس أو كان ولم يسجد عليه بل على عرف دابته أجزء جزما نعم عليه مراعاة ما يصح السجود عليه مع الامكان ما لم يكن حرجا عليه كما عن بعضهم التصريح به للقاعدة المزبورة وإذا لم يتمكن من ذلك أيضا أي لم يتيسر له نعله ولو لكونه موجبا لصرف حواسه والفتور في المحارسة على نفسه اومى ايماء كما يدل عليه الصحيحتان المتقدمتان وغيرهما مما عرفت وخبر سماعة انه سئل الصادق ع عن صلاة القتال فقال إذا التقوا فاقتتلوا فإنما الصلاة ح تكبير وإذا كانوا وقوفا لا يقدرون على الجماعة فالصلاة ايماء وموثقة أبي بصير قال سمعت أبا عبد الله ع يقول إذا التقوا فاقتتلوا فإنما الصلاة ح بالتكبير فإذا كانوا وقوفا فالصلاة ايماء وليكن الايماء بالرأس فإنه هو المنساق إلى الذهن في مثل المقام الذي جعل بدلا عن الركوع والسجود مضافا إلى وقوع التصريح به صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله ع قال صلاة الزحف على الظهر ايماء برأسك وتكبير والمسايقة تكبير بغير ايماء والمطاردة يصلى كل رجل بحياله وصحيحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله قال سئلت أبا عبد الله ع عن قول الله عز وجل فان خفتم فرجالا أو ركبانا كيف يصلى وما يقول إن خاف من سبع أو لص قال يكبر ويؤمى برأسه ايماء وغير ذلك مما سيأتي وفي المسالك قال فان تعذر أي الايماء بالرأس فبعينيه كالمريض وفيه تأمل نظرا إلى أن بدلية الايماء عن الركوع والسجود ثبتت بالأدلة الخاصة لا بقاعدة الميسور كي ينتقل من كل مرتبة
(٧١٧)