عليه خلافا للمحكى عن أبي حنيفة وبعض العامة وأبي علي من الخاصة فقالوا بأنه يتبع الامام في ذلك ثم يتدارك ما فاته من الأول محتجين بما روره عنه صلى الله عليه وآله أنه قال ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فاقضوا وهذه الرواية على تقدير صحتها لا تأبى عن الحمل على ما يوافق مذهبنا وقد ورد في جملة من اخبارنا الطعن والتعريض على هذا المذهب كما ستسمعه ويدل على الحكم المذكور جملة من الاخبار منها صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا فاتك شئ مع الامام فاجعل أول صلاتك ما استقبلت منها ولا تجعل أول صلاتك اخرها وصحيحة زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال إذا أدرك الرجل بعض الصلاة وفاته بعض خلف امام يحتسب بالصلاة خلفه جعل أول ما أدرك أول صلاته ان أدرك من الظهر أو من العصر أو من العشاء ركعتين وفاتته ركعتان قرأ في كل ركعة مما أدرك خلف الامام في نفسه بأم الكتاب وسورة فإن لم يدرك السورة تامة أجزأته أم الكتاب فإذا سلم الامام قام فصلى ركعتين لا يقرأ فيهما لان الصلاة انما يقرء فيها في الأوليتين في كل ركعة بأم الكتاب وسورة وفي الأخيرتين لا يقرأ فيهما انما هو تسبيح وتهليل ودعاء ليس فيهما قراءة وان أدرك ركعة قرء فيها خلف الامام فإذا سلم الامام قام فقرء بأم الكتاب وسورة ثم قعد فتشهد ثم قام فصلى ركعتين ليس فيهما قراءة وقد تقدم توجيه هذه الرواية في مبحث القراءة وعرفت فيما تقدم عدم التنافي بينها وبين كونه مخيرا في الأخيرتين بين قراءة الفاتحة وغيرها فراجع وصحيحة عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله عليه السلام عن الرجل يدرك الركعة الثانية من الصلاة مع الامام وهي له الأولى كيف يصنع إذا جلس الإمام قال يتجافى ولا يتمكن من القعود فإذا كانت الركعة الثالثة للامام وهي له الثانية فليلبث قليلا إذا قام الامام بقدر ما يتشهد ثم يلحق بالامام قال وسألته عن الرجل الذي يدرك الركعتين الأخيرتين من الصلاة كيف يصنع بالقراءة فقال اقرأ فيهما فإنهما لك الأولتان فلا تجعل أول صلاتك اخرها وخبر طلحة بن زيد عن جعفر عن أبيه عن علي عليه السلام قال يجعل الرجل ما أدرك مع الامام أول صلاته قال جعفر عليه السلام وليس نقول كما تقول الحمقى ومرسل أحمد بن النضر عن أبي جعفر عليه السلام قال قال لي اي شئ يقول هؤلاء في الرجل إذا فاته مع الامام ركعتان قال قلت يقولون يقرء في الركعتين بالحمد وسورة فقال هذا يقلب صلاته فيجعل أولها اخرها قلت فكيف يصنع فقال يقرء بفاتحة الكتاب في كل ركعة ورواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله البصري عن أبي عبد الله عليه السلام قال إذا سبقك الامام بركعة فأدركت القراءة الأخيرة قرأت في الثانية من صلاته وهي ثنتان لك فإن لم تدرك معه الا ركعة واحدة قرأت فيها وفي التي تليها وان سبقك ركعة جلست في الثانية لك والثالثة له حتى تعتدل الصفوف قياما الحديث وموثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن الرجل يدرك الامام وهو يصلي أربع ركعات وقد صلى الامام ركعتين قال يفتتح الصلاة فيدخل معه ويقرء معه في الركعتين وعن كتاب دعائم الاسلام عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال إذا سبق الامام أحدكم بشئ من الصلاة فليجعل ما يدرك مع الامام أول صلاته وليقرأ فيما بينه وبين نفسه ان أمهله الامام وإذا دخل في صلاة العشاء الآخرة وقد سبقه بركعة وأدرك القراءة في الثانية فقام الامام في الثالثة قرء المسبوق في نفسه كما كان يقرء في الثانية واعتد بها لنفسه انها الثانية وروي فيه عن جعفر بن محمد عليه السلام نحوه وروى عن أبي جعفر محمد بن علي عليهم السلام قال إذا أدركت الامام وقد صلى ركعتين فاجعل ما أدركت معه أول صلاتك فاقرء لنفسك بفاتحة الكتاب ان أمهلك الامام أو ما أدركت ان تقرء واجعلها أول صلاتك وعن الفقه الرضوي فان سبقك بركعة أو ركعتين فاقرء في الركعتين الأولتين من صلاتك بالحمد وسورة فإذا لم تلحق السورة أجزأتك الحمد وعن موضع اخر منه وإذا فاتك مع الامام الركعة الأولى التي فيها القراءة فانصت للامام في الثانية التي أدركت ثم اقرأ أنت في الثالثة وهي لك ثنتان وهذه الأخبار واضحة الدلالة على المدعى وقد اشتمل جلها على الامر بالقراءة وظاهره الوجوب كما ربما يؤيده عموم ما دل على وجوب القراءة في الأولتين وانه لا صلاة الا بفاتحة الكتاب بل قد يستشعر من سوق غير واحد منها ان المقصود من الامر بجعل ما ادركه أول صلاته انما هو إرادة القراءة فيه ان كان من الأخيرتين وما دل على ضمان الامام للقرائة قاصر عن شمول المقام فضلا عن صلاحية المعارضة لما عرفت إذ المنساق منه ارادته حال الايتمام به في الأولتين فلولا الأدلة الخارجية الدالة على جواز اللحوق بالامام في الركوع من غير قراءة لم يكن يفهم من تلك الأدلة سقوطها عمن لحق بالامام بعد فراغه من القراءة في الأولتين أيضا فضلا عن الأخيرتين كما لا يخفى فما عن غير واحد من القول بجواز تركها ضعيف وان بالغوا في تشييده ففي المدارك بعد ايراد صحيحتي زرارة وعبد الرحمن بن الحجاج المتقدمتين قال ما لفظه ومقتضى الروايتين ان المأموم يقرء خلف الامام إذا ادركه في الركعتين الأخيرتين وكلام أكثر الأصحاب خال من التعرض لذلك وقال العلامة رحمه الله في المنتهى الأقرب عندي ان القراءة مستحبة ونقل عن بعض فقهائنا الوجوب لئلا تخلو الصلاة عن قراءة إذ هو مخير في التسبيح في الأخيرتين وليس بشئ فان احتج بحديث زرارة و عبد الرحمن حملنا الامر فيهما على الندب لما ثبت من عدم وجوب القراءة على المأموم هذا كلامه رحمه الله ولا يخلو من نظر لان ما تضمن سقوط القراءة باطلاقه لا ينافي هذين الخبرين المفصلين لوجوب حمل الاطلاق عليهما وان كان ما ذكره من الحمل لا يخلو من قرب لان النهي في الرواية الأولى عن القراءة في الأخيرتين للكراهة قطعا وكذا الامر بالتجافي وعدم التمكن من القعود في الرواية الثانية محمول على الاستحباب ومع اشتمال الرواية على استعمال الامر في الندب والنهي في الكراهة يضعف الاستدلال بما وقع فيهما من الأوامر على الوجوب أو النواهي على التحريم مع أن مقتضى الرواية الأولى كون الامر بالقراءة في النفس وهو لا يدل صريحا على وجوب التلفظ بها وكيف كان فالروايتان قاصرتان عن اثبات الوجوب انتهى ما في المدارك وقد أكثر في الجواهر من ذكر المؤيدات لهذا القول ثم اعترف في ذيل كلامه بان شيئا منها ليس بشئ يلتفت إليه في مقابل ما سمعت كما أنه لا ينبغي الالتفات إلى ما ذكره في المدارك وجها للخدشة في دلالة الصحيحتين على الوجوب بعد وضوح عدم كون إرادة الكراهة من النهي عن القراءة في الأخيرتين بعد تسليمها والغض عما ذكرناه في محله في توجيه النهي موهنة لإرادة الوجوب من الامر الوارد في الفقرة السابقة عليه أو اللاحقة به وكذا عدم صلاحية إرادة الاستحباب من الامر بالتجافي في صحيحة ابن الحجاج قرينة لإرادة الاستحباب من الامر الاخر الوارد في الجواب عن مسألة أخرى لا ربط لها
(٦٩٧)