أقول نوقش في نسبة هذا الكلام إلى المفيد في المقنعة بخلو عبارة المقنعة عنه بل هو عبارة الشيخ في التهذيب فتوهم صاحب المدارك وزعم أنه من عبارة المقنعة فليراجع ثم قال احتج القائلون بوجوب الاستمرار ربما رواه الشيخ في الموثق عن غياث بن إبراهيم قال سئل أبو عبد الله عليه السلام عن الرجل يرفع رأسه من الركوع قبل الامام أيعود فيركع إذا أبطأ الامام ويرفع رأسه معه قال لا وبانه لو عاد إلى الركوع أو السجود بعد الرفع منه يكون قد زاد ما ليس من الصلاة وهو مبطل إذ لا عذر معه يسقط اعتبار الزيادة ويشكل بضعف الرواية من حيث السند وعدم دلالتها على أن الرفع وقع على سبيل العمد وبان الفعل المتقدم على فعل الامام وقع منهيا عنه كما هو المفروض لترتب الاثم عليه اجماعا فلا يكون مبرء للذمة ولا مخرجا عن العهدة واعادته يستلزم زيادة الواجب وهو مبطل عندهم فيحتمل بطلان الصلاة لذلك ويحتمل وجوب الإعادة هنا كما في الناسي ان لم يثبت بطلان الصلاة بمثل هذه الزيادة كما هو ظاهر عبارة المقنعة لاطلاق الروايات المتضمنة للإعادة أقول اما الرواية فهي موثقة فالخدشة في سندها ضعيفة واما المناقشة في دلالتها ففي محلها فان حملها على خصوص العامد مع كون التعمد بعيدا عن ظاهر من ينوي الايتمام بعيد وانما حملها الأصحاب على ذلك تفاديا عن طرحها لمعارضتها بالأخبار الآتية المصرحة بالرجوع وسيأتي الكلام فيه واما ما احتمله من بطلان الصلاة لبطلان جزئها باعتبار وقوعه منهيا عنه وعدم امكان تداركه لاستلزامه الزيادة المبطلة ففيه بعد الغض عما تقدمت الإشارة إليه من أن النهي متعلق بترك المتابعة لا بالفعل المأتي به قبل الامام الا على القول باقتضاء الامر بالشئ المنهي عن أضداده الوجودية وهو خلاف التحقيق منع كون رفع الرأس من الركوع والسجود من الواجبات الأصلية بل هو مقدمة للاعتدال الواقع بعدهما ومن هنا قد يتجه التفصيل على القول بالاقتضاء بين الهوي للركوع والرفع منه فتبطل الصلاة بالأول دون الثاني ولكن المبنى فاسد فالحق انه لا تبطل الصلاة بشئ منهما ولكن لو عاد إلى المتابعة يتحقق به الزيادة العمدية فتبطل بها الصلاة لذلك كما هو المشهور واما ما قواه في المدارك من وقوع ما فعله أولا باطلا يكون اعادته ثانيا موجبا للحوق وصف الزيادة بالأول الذي كان حال صدوره موصوفا بالبطلان لا بالزيادة فمن هنا قد يتأمل في شمول ما دل على مبطلية الزيادة لمثلة فليتأمل وكيف كان فقد وافق صاحب المدارك في مخالفة المشهور جملة من المتأخرين كالمحدث الكاشاني والمحقق السبزواري وصاحب الحدائق فالتزموا اما بوجوب الرجوع أو جوازه اخذا بإطلاق بعض الروايات الدالة عليه كخبر محمد بن سهل الأشعري عن أبيه عن أبي الحسن عليه السلام قال سألته عمن يركع مع امام يقتدى به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال يعيد ركوعه معه وخبر علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام في الرجل يركع مع امام يقتدي به ثم يرفع رأسه قبل الإمام قال يعيد ركوعه معه وصحيحة الفضيل بن يسار انه سئل أبا عبد الله عليه السلام عن رجل صلى مع امام يأتم به ثم رفع رأسه من السجود قبل ان يرفع الامام رأسه من السجود قال فليسجد وموثقة محمد بن علي بن فضال عن أبي الحسن عليه السلام قال قلت له اسجد مع الامام وارفع رأسي قبله أعيد قال أعد واسجد وفيه ان جرى الاطلاق مجرى الغالب من عدم رفع المأموم رأسه قبل الامام عمدا بل خطأ بزعم انه رفع رأسه لو لم يكن موجبا لانصراف الاطلاق إليه فلا أقل من كونه مانعا عن ظهوره في العمد ولذا لم يفهم الأصحاب منه ذلك بل ربما يظهر من بعض دعوى الاجماع على عدم وجوب الرجوع مع العمد ويؤيدها عدم نقل خلاف محقق فيه عن أحد من المتقدمين الذين يعتد بخلافهم كما ربما يؤيد المدعى أيضا اطلاق النهي الوارد في خبر غياث لو لم ندع انصرافه أيضا كسائر الاخبار المزبورة إلى صورة السهو وكيف كان فقد تلخص مما ذكر ان ما ذهب إليه المشهور من وجوب الاستمرار مع العمد هو الأقوى واما لو كان الرفع من الركوع والسجود ناسيا للمأمومية أو بزعم ان الامام رفع رأسه أعاد كما يدل عليه الاخبار المزبورة ولا يعارضها عموم ما دل على مبطلية الزيادة لأن هذه الأخبار أخص مطلقا من ذلك بل لها نوع حكومة عليه بل لا يبعد ان يدعي عدم صدق اسم الزيادة عرفا في مثل الفرض الذي وقع الرفع خطاء فألغاه وعاد إلى ركوعه أو سجوده لتدارك ما أخل به فليتأمل نعم يعارضها خبر غياث المتقدم الذي ورد فيه النهي عن الإعادة وما عن الشيخ وغيره من الجمع بينها بحمل خبر غياث على صورة العمد وتلك الأخبار على السهو لا يخلو من اشكال فان هذا النحو من الجمع المتوقف على ارتكاب التأويل في كلا المتعارضين يحتاج إلى شاهد خارجي وهو مفقود ولا يصلح ان يكون الشهرة أو الاجماع على الرجوع في السهو وعدمه مع العمد شاهدا لذلك وان كان قد يورث الظن أو القطع بعدم إرادة صورة العمد من الروايات الامرة بالرجوع كما تقدمت الإشارة إليه ولكنه لا يورث الوثوق بأنه لم يرد من خبر غياث الا صورة العمد فلعله صدر عن علة أو سيق لبيان الجواز دفعا لتوهم الوجوب والحاصل ان فتوى الأصحاب بخلاف ظاهر الرواية لا يكشف عن انه لم يرد من هذه الرواية الا ما يوافق فتوى الأصحاب اي إرادة خصوص صورة العمد ولذا لم نجد من أنفسنا الوثوق بذلك بل المظنون عدمه فان إرادة خوص هذه الصورة التي هي فرض نادر يمكن دعوى انصراف السؤال عنه مستبعد لا يقال كفى بجعل الاجماع شاهدا للجمع كشفه عن في رادة صورة العمد من الاخبار الامرة بالإعادة كما اعترفت به فان تلك الأخبار حينئذ بضميمة الاجماع بحكم الخاص المطلق يخصص بها عموم خبر غياث لأنا نقول إن الاجماع من قبيل المخصص الذي يجب ملاحظة النسبة بين المتعارضين قبل التخصيص به لا بعده كما تقرر في محله فهما في حد ذاتهما من قبيل المتباينين ولكن خبر غياث لأجل ورود النهي فيه مورد توهم الوجوب لا يظهر منه الحرمة بل مجرد الاذن في الترك الغير المنافي لاستحباب العود فيمكن الجمع بينه وبين الاخبار الامرة بالإعادة بحمل تلك الأخبار على الاستحباب وهو من الجمع المقبول الذي لا يحتاج إلى شاهد خارجي الا ان الالتزام به مشكل من حيث مخالفته للمشهور فان جعلنا الشهرة مسقطة لخبر غياث عن الحجية فهو والا فالقول بعدم الوجوب كما عن
(٦٥١)