بعينه لا غير والحاصل ان الايتمام لا يتعلق قصده الا بهذا الشخص الخارجي الحاضر بين يدي المصلين المربوط افعالهم بفعله غاية الأمر انه قد يكون الداعي إلى الايتمام به حضوره بحيث لو كان غيره مكانه ممن شأنه ان يصلى في هذا المكان لكان يأتم به من غير أن يكون لوصف كونه مسمى بزيد الذي اعتقده فيه مدخلية في ذلك بل هو لديه كسائر عوارضه المشخصة ككونه ابيض أو اسود أو غير ذلك مما لا مدخلية له في الايتمام وقد يكون الداعي إليه هو هذا الاعتقاد فيكون اعتقاد كونه زيدا علة لاختيار الايتمام بهذا الشخص فالمنوى ليس الا الايتمام بهذا الحاضر ولكن منشأه الخطاء في اعتقاد كونه مصداقا لمفهوم زيد وثانيا سلمنا عدم مدخلية وصف الحضور فيما تعلق به قصد الاقتداء وانما المقصود الاقتداء بزيد من حيث هو المتصادق على هذا الحاضر بزعمه ولكن نقول إنه إذا اعتقد ان زيدا هو هذا الشخص الحاضر فقد قصد الاقتداء بزيد أولا وبالذات وقصد الاقتداء بهذا الشخص ثانيا وبالعرض فان قصد ايقاع فعل على عنوان يستتبع قصد ايقاعه على عنوان اخر صادق عليه باعتقاد الفاعل فان من قصد إهانة زيد من حيث هو مع علمه بأنه ابن عمرو فأهان ابن عمرو فيصدق انه قصد إهانة ابن عمرو ولو من حيث إنه زيد لا من حيث هو فإذا تبين ان ابن عمرو لم يكن زيدا يصدق انه أهانه عن قصد ومثل هذا القصد التبعي كاف في صحة الاقتداء إذ لا دليل على اعتبار أزيد من ذلك كما صرح بذلك كله شيخنا المرتضى رحمه الله وثالثا سلمنا ذلك كله ولكن الدليل المزبور لا يستدعى الا فساد القدوة لا بطلان أصل الصلاة فالوجه اجراء احكام المنفرد عليه لما عرفت في مبحث النية من أن الجماعة به والفرادى ليستا مهيتين مختلفتين بالنوع حتى يتوقف تمييز كل منهما عن الأخرى بالقصد بل هي كيفية خاصة اعتبرها الشارع موجبة لتأكد مطلوبية الصلاة الواجبة عليه من حيث هو ويلحقها احكام خاصة تبعا لتلك الخصوصية فلو أخل بها فاتته الجماعة دون أصل الصلاة الا ان يخل بشئ من واجباتها كما تقدم التنبيه عليه مرارا فعلى هذا لو لحق بالامام في الركعة الثالثة والرابعة واتى بما هو وظيفة المنفرد أو من أول الصلاة ولكنه انفرد قبل الركوع فتدارك القراءة أو انه اتى بها حال الايتمام بناء منه على كون الترك رخصة لا عزيمة لم تبطل صلاته بل وكذا لو ترك القراءة أيضا لعموم قوله عليه السلام في صحيحة زرارة لا تعاد الصلاة الا من خمسة الطهور والوقت والقبلة والركوع والسجود وخصوص قوله (ع) في ذيل تلك الصحيحة القراءة سنة والتشهد سنة ولا تنقض السنة الفريضة لا يقال إن الرواية مخصوصة بغير العامد وهيهنا ترك القراءة عمدا بزعم صحة ايتمامه لأنا نقول هذا فيما إذا لم يكن عمده مسببا عن خطأ أو نسيان والا فتعمه الرواية جزما كما لو زعم خطاء فراغه من القراءة فركع أو زعم كونه في الثالثة فترك القراءة لذلك إلى غير ذلك من الموارد وتوهم استفادة البطلان فيما نحن فيه من النص الخاص الوارد في مسألة ما لو نوى كل منهما الايتمام بصاحبه محل نظر بل منع فإنه قياس مع الفارق كما لا يخفى فتلخص مما ذكر ان الأقوى في المقام ان لم يكن اجماع على خلافه هو الصحة وأولى منه في ذلك ما لو نوى الاقتداء بهذا الحاضر على أنه زيد فبان عمر ولعدم تجرد الاقتداء بالشخص عن القصد إليه وربما قيل في هذا الفرع بابتنائه على ترجيح الإشارة أو الاسم في مقام المعارضة ولذا تردد فيه بعض ولم يرجح أحدهما وحكى عن العلامة وجملة ممن تأخر عنه الحكم بالبطلان وعن صاحب الذخيرة الصحة وفي الجواهر بعد ان استقرب البطلان قال بل ينبغي الجزم به لو كان عمرو عنده غير عادل وان استشكل فيه المولى الأعظم في شرح المفاتيح من ظهور عدم الاقتداء بعادل ومما ورد من صحة صلاة من اقتدى يهودي باعتقاد عدالته ثم ظهر فساده لكنه لا يخفى عليك ضعف الوجه الثاني لوضوح الفرق بين تخلف الاعتقاد في الصفة بين تشخيص الذات وبين تخلفه بالنسبة للموصوف انتهى أقول سوق العبارة يعطى اختصاص استشكال المولى الأعظم بما إذا كان عمرو عنده غير عادل فتخلف الذات عنده بحسب الظاهر غير قادح في الصحة وانما نشأ اشكاله في الفرض من انتفاء صفة العدالة فيه فتنهض الرواية المشار إليها حينئذ دليلا للصحة فإنها تدل عليه بالفحوى كما سيأتي التنبيه عليه في محله هذا مع أن الاختلال الذي انكشاف كونه يهوديا ليس بمحض تخلف وصف العدالة إذ اليهودي ليس بمصلى في الواقع فتشخيص ذاته بعد ان لم يكن مصليا في الواقع غير مجد في الفرق المزبور لان صحة الصلاة التي اقتدى فيها بشخص يصلى واقعا وان أخطأ في تشخيص مقتداه أولى من صحتها لدى الاقتداء بمن لا يصلى في الواقع ولكنه يأتي بصورتها هزء فليتأمل ثم إن ما ذكره من بناء المسألة على ترجيح الإشارة على الاسم أو عكسه لا يخلو من نظر إذا الظاهر أن تلك المسألة من القواعد اللفظية التي يرجع إليها في مقام تشخيص ما قصده اللافظ أو لا وبالذات موضوعا لحكمه فقد يقوى هناك ترجيح الإشارة نظرا إلى أن القصد أولا وبالذات يتعلق بذات ما تصوره المتكلم موضوعا لحكمه قبل ان يصدر منه إشارة أو لفظ والإشارة تقع عليها وهذا بخلاف الأسماء والصفات فإنها مفاهيم تصدق عليها باعتقاده فيأتي بذكرها معرفا لبيان المقصود فإذا تخلف اعتقاده عن الواقع لا يتخلف تلك الذات عن كونها مقصودة بالموضوعية فإنه لا يرى لموضوع حكمه مصداقا وراء ما أشار إليه حتى يتعلق به قصده فيدور الامر بين ان يكون مناط اثبات الحكم لتلك الذات كونه مسمى بذلك الاسم فيكون مخطئا في تشخيص مصداقه وبين ان يكون نفس الذات فيكون مخطئا في اطلاق ذلك الاسم عليه ولا ترجيح فمقتضى الأصل ابقاء القضية على ظاهرها من كون الذات المشار إليها مقصودة له من حيث هي في الواقع اللهم الا ان يدعى ان الغالب إناطة الحكم بمسميات الأسامي ويدفعه ان الغلبة في مثل المقام على تقدير تسليمها لا تورث الظن باللحوق لانتفاء الجامع هذا مع أن الإشارة نص في مدلولها بخلاف الاسم ولكن مع ذلك كله فالحق اجمال الكلام وصلاحية الاسم لصرف الاسناد إلى إرادة مسماه من حيث هو وعدم الوثوق في استكشاف المرادات بمثل هذه الترجيحات الصناعية وكيف كان فترجيح الإشارة أو الاسم انما يحسن
(٦٥٧)