واسع انما هو بمنزلة رجل سهى فانصرف في ركعة أو ركعتين أو ثلاثة من المكتوبة فإنما عليه ان يبني على صلاته ثم ذكر سهو النبي (ص) ويتوجه على الاستدلال بالخبرين بعد الغض عن عدم صلاحيتهما لمعارضته الأخبار المتقدمة المعتضدة بالشهرة انه لا دلالة فيهما على محل البحث لورودهما بمقتضى ظاهر السؤال فيمن وجد في بطنه تلك الأشياء من غمز أو ازا وضربان وشئ من هذه الأشياء من حيث هو ليس بحدث اتفاقا وجعلها كناية عن إرادة حدوث الحدث المسبب عن هذه الأشياء كما أومى إليه السيد ره في عبارته المتقدمة ليس بأولى من ابقائها على ظاهرها وحمل امر الإمام عليه السلام بالانصراف في تلك الحالة لقضاء الحاجة ودفع الضرر والمشقة الناشئة من الصبر على حبس الغائط في تلك الأحوال إلى اخر الصلاة كما في عبارة الفقه الرضوي على ما حكى عنه من أنه قال فان كنت في الصلاة فوجدت غمزا فانصرف الا ان يكون شيئا تصبر عليه من غير اضرار بالصلاة وفي الصحيح عن عبد الرحمن بن الحجاج قال سألت أبا عبد الله (ع) عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه وهو يستطيع ان يصبر عليه أيصلي على تلك الحال أو لا يصلي فقال إن احتمل الصبر ولم يخف اعجالا عن الصلاة فليصل وليصبر فيحتمل ان يكون المقصود بالسؤال اصابته الغمز وهو في الصلاة كما يؤيده الامر بالصلاة والصبر ويحتمل ان يكون السؤال عن جواز التلبس بالصلاة في هذه الحالة فيكون الامر بالصلاة والصبر لبيان الجواز الغير المنافي لكراهة مدافعه الأخبثين لا الوجوب وكيف كان فالمراد بالغمز وغيره مما ذكره في الخبرين المزبورين بحسب الظاهر ليس الا نفسه كما في الرضوي وصحيحة ابن الحجاج فالمراد بالانصراف الوارد في الصحيحة الأولى ليس الا الانصراف لقضاء حاجته كما في عبارة الوضوء ويؤيده التعبير في الخبر الثاني بالخروج لحاجته فالخبران على الظاهر موردهما العامد لا من سبقه الحدث بلا قصد ولم ينقل القول بمضمونهما عن أحد منا فالظاهر جريهما مجرى التقية كما يؤيد ذلك اشتمال ثانيهما على سهو النبي صلى الله عليه وآله واشتمالهما معا على غير ذلك مما لا يمكن الالتزام به كتجويز الاستدبار والفعل الكثير مع معارضتهما بخبر علي بن جعفر المروي عن قرب الإسناد وكتاب المسائل عن أخيه موسى عليه السلام قال وسألته عن رجل وجد في بطنه ريحا فوضع يديه على انفه وخرج من المسجد حتى اخرج الريح من بطنه ثم عاد إلى المسجد فصلى فلم يتوضأ هل يجزيه ذلك قال لا يجزيه حتى يتوضأ ولا يعتد بشئ مما صلى وغير ذلك من الأخبار المتقدمة فالأولى رد علمهما إلى أهله واستدل للقول بوجوب البناء في المتيمم إذا سبقه الحدث ووجدا الماء دون غيره بصحيح زرارة المروي عن الفقيه والتهذيب عن أحدهما (ع) قال قلت له رجل دخل في الصلاة وهو متيمم فصلى ركعة ثم احدث فأصاب الماء قال يخرج ويتوضأ ثم يبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم والصحيح المروي عن التهذيب باسناده عن زرارة عن محمد بن مسلم قال قلت في رجل الخ وعن الفقيه باسناده عن زرارة ومحمد بن مسلم قالا قلنا لا بي جعفر (ع) في رجل لم يصب الماء وحضرت الصلاة فيتمم وصلى ركعتين ثم أصاب الماء أينقض الركعتين أو يقطعهما ويتوضأ ثم يصلي قال لا ولكنه يمضي في صلاته ولا ينقضها لمكان انه دخلها على طهور بتيمم قال زرارة فقلت له دخلها وهو متيمم فصلى بركعة واحدة واحدث فأصاب ماء قال يخرج ويتوضأ ويبني على ما مضى من صلاته التي صلى بالتيمم أقول الظاهر كونهما رواية واحدة مروية بطريقين وكيف كان فقد حكى عن الشيخ في التهذيب انه بعد نقل الرواية قال ولا يلزم مثل ذلك في المتوضي إذا صلى ثم احدث ان يبني على ما مضى من صلاته لأن الشريعة منعت من ذلك وهو انه لا خلف بين أصحابنا ان من احدث في الصلاة ما يقطع صلاته بحسب عليه استينافه وعن المعتبر انه بعد نقل الرواية قال وهذه الرواية متكررة في الكتب بأسانيد مختلفه واصلها محمد بن مسلم وفيها اشكال من حيث إن الحدث يبطل الطهارة ويبطل ببطلانها الصلاة واضطر الشيخان بعد تسليمها إلى تنزيلها على المحدث سهوا والذي قالاه حسن لأن الاجماع على أن الحدث عمدا يبطل الصلاة فيخرج من اطلاق الرواية ويتعين حمله على غير صورة العمد ولأن الاجماع لا تصادمه الرواية ولا باس بالعمل على الوجه الذي ذكره الشيخان فإنها رواية مشهورة ويؤيدها ان الواقع من الصلاة وقع مشروعا مع بقاء الحدث فلا يبطل بزوال الاستباحة كصلاة المبطون إذا فاجئه الحدث ولا يلزم مثل ذلك في المصلى بطهارة مائية لأن الحدث مرتفع فالحدث المتجدد رافع لطهارته وتبطل لزوال الطهارة انتهى ويتوجه على ما ذكره مؤيدا للرواية أولا ان مقتضاه ان المتيمم لو لم يجد الماء أيضا عليه ان يتيمم بعد مفاجئة الحدث ويبني على صلاته ولا يظن بهم الالتزام به وثانيا ان ما ذكره مبني على عدم كون التيمم طهورا وقد حققنا في محله خلافه كما يؤيد ذلك ما في صدر الحديث من تعليل المضي في صلاته وعدم انتقاضها بوجدان الماء بأنه دخلها على طهور بتيمم واما ما ذكره من التمثيل بصلاة المبطون ففيه ان عدم انتقاض صلاة بما يفاجئه من الحدث ليس لأجل مشروعيتها مع بقاء الحدث بل المبطون قبل ان يفاجئه الحدث متطهرا حقيقة وإذا فاجئه الحدث الناشي من مرضه ينقض طهارته ولكنه لا يبطل صلاته فيتطهر ويبني بخلاف ما لو فاجئه حدث اخر من بول ونحوه مما ليس من مرضه فحاله بالنسبة إليه حال غيره في انتقاض صلاته بلا اشكال فهذا المثال أجنبي عن مدعاه وكيف كان فالظاهر في لفرق بين التيمم والمتوضي ولذا ربما يستدل بهذه الصحيحة أيضا للقول بعدم البطلان بالحدث السهوي مطلقا حيث يفهم منها ان الحدث في أثناء الصلاة ليس بقاطع فيستفاد منها حكم المتوضي وكذا المتيمم الذي احدث فلم يجد الماء فيتمم ثانيا بالأولوية وتنقيح المناط ولكن يعارضها الأخبار المتقدمة الدالة على مبطلية الحدث مطلقا المعتضدة بالشهرة مع اعراض المشهور عن ظاهر الصحيحة وموافقتها لأشهر مذاهب العامة على ما ذكره في الوسائل فالمتعين طرحها ورد علمها إلى الله وربما تكلف بعض في توجيهها بما هو ابعد من حملها على التقية كما لا يخفى على المتأمل وحكى عن الصدوق والقول بعدم مبطلية الحدث الواقع بعد رفع الرأس من السجدة الأخيرة حيث حكى عنه في الفقيه أنه قال إن رفعت رأسك من السجدة الثانية في الركعة الرابعة وأحدثت فان كنت قد قلت الشهادتين فقد مضت صلاتك وان لم تكن قلت ذلك فقد مضت صلاتك فتوضأ ثم عد إلى مجلسك فتشهد انتهى وعن المحدث المجلسي في البحار انه بعد نقل قول الصدوق قال ويشمل ظاهر كلمه العمد أيضا ولا يخفى من قوة انتهى ومستند هذا القول جملة من الأخبار منها صحيحة زرارة أو حسنته عن أبي جعفر عليه السلام في الرجل يحدث بعد ان يرفع رأسه من السجدة الأخيرة وقيل إن يتشهد (قال ينصرف ويتوضأ فإن شاء رجع إلى المسجد) وان شاء ففي بيته وان شاء حيث شاء قعد فتشهد ثم يعلم وان كان الحدث بعد الشهادتين فقد مضت صلاته
(٤٠٠)