لله قانتين ضرورة انه لا ظهور للآية في إرادة القنوت بالمعنى المصطلح والا فلهم منها ذلك أهل العرف مع انا لا نرى أحدا منهم يفهم ذلك منها نعم لو ثبت للقنوت حقيقة شرعية في زمان صدور الآية كان للاستدلال بها وجه وان كان الأوجه على هذا التقدير أيضا حمله على إرادة ما يناسبه المقام من معانيه من الخشوع والعبارة ونحوها حيث إن ظاهرها إرادة التلبس به من حيث الاخذ في القيام لا بعده عند إرادة الركوع من القيام الحاصل في الركعة الثانية من الصلاة و يتلوه في الضعف الاستدلال له بصحيحة زرارة المروية عن زيادات التهذيب انه سئل أبا جعفر عليه السلام عن الفرض في الصلاة فقال الوقت والطهور والقبلة والتوجه والركوع والسجود والدعاء قلت ما سوى ذلك قال سنة في فريضة لأن الدعاء الذي يعتبر في القنوت ما يعم التسبيح والتهليل بل قيل إن أفضله كلمات الفرج فان أريد بالدعاء ما يقابل التسبيح والتهليل فلا يجب بهذا المعنى في القنوت جزما فلا بد اما من جمله على الاستحباب أو على إرادة الدعاء المتحقق في ضمن قراءة الفاتحة أو الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله الواجبة في التشهد ونحوها وان أريد به مطلق الذكر الشامل للتسبيح ونحوه فجميع الأذكار الواجبة في الصلاة مصداق له فلا ينحصر محمله في القنوت حتى يتعين حمله عليه وعمدة ما يصح الاستدلال به لهذا القول موثقة عمار عن أبي عبد الله عليه السلام قال إن نسي الرجل القنوت في شئ من الصلاة حتى يركع فقد جازت صلاته وليس عليه شئ وليس له ان يدعيه متعمدا ورواية أعمش المروية عن الخصال عن الصادق عليه السلام قال في حديث شرايع الدين والقنوت في جميع الصلوات سنة واجبة في الركعة الثانية قبل الركوع وبعد القراءة وخبر الفضل بن شاذان المروي عن العيون عن الرضا عليه السلام في كتابه إلى المأمون قال والقنوت سنة واجبة في الغداة والظهر والعصر والمغرب والعشاء الآخرة والروايات الكثيرة المشتملة على الامر بالقنوت اما في كل صلاة أو في الفرائض أو في خصوص الجهرية منها أو في الجمعة أو في الفجر إلى غير ذلك من الموارد التي لا يحصل وظاهره الوجوب ويتوجه على الجميع ان غايتها الظهور في الوجوب فلا تصلح شئ منها لمعارضة صحيحة البزنطي المتقدمة المعتضدة بغيرها من الشواهد والمؤيدات التي تقدمت الإشارة إليها فالقول بوجوبه في الفرائض مطلقا مع شذوذه في حد ذاته بل في لجزم بكونه مراد القائلة إذ لا يبعد منه تأكدا الاستحباب تبعا للنصوص ضعيف واضعف منه ما نسب إلى ابن أبي عقيل من القول بوجوبه في الجهرية خاصة كما في كلمات بعض ولعل مستنده موثقة سماعة المضمرة قال سئلته عن القنوت في اي صلاة هو فقال كل شئ يجهر فيه بالقراءة ففيه قنوت وقوله عليه السلام في خبر وهب المتقدم القنوت في الجمعة والعشاء والعتمة والوتر والغداة الحديث وفيه بعد تسليم ظهور الخبرين في الوجوب والغض عما عرفت سابقا من ظهور ثانيهما في حد ذاته في إرادة السنة المؤكدة انه يتعين حملهما عليه جميعا بينهما وبين الصحيحة التي هي صريحة في جواز الترك اما مطلقا أو في خصوص الفجر التي هي من الجهرية على اختلاف الروايتين فيتم فيما عداها بعدم القول بالفصل مضافا إلى دلالة بعض الأخبار صريحا بعدم وجوبه فيما عداها كموثقة يونس بن يعقوب قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن القنوت في اي صلاة اقنت فقال لا تقنت الا في الفجر وصحيحة سعد بن سعد الأشعري عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال سئلته عن القنوت هل يقنت في الصلاة كلها أم فيما يجهر فيه بالقراءة قال ليس القنوت الا في الغداة أو الجمعة والوتر والمغرب هذا كله مع ما في الخبرين السابقين الذين استدل بهما للقول المزبور بل وكذا الخبرين الذين يظهر منهما اختصاص مشروعيته القنوت ببعض الصلوات من شوب التقية كما يفصح عن ذلك موثقة أبي بصير قال سألت أبا عبد الله (ع) عن القنوت فقال فيما يجهر فيه بالقراءة قال فقلت له اني سئلت أباك عن ذلك فقال لي في الخمس كلها فقال رحم الله أبي ان أصحاب أبي اتوه فسئلوه فأخبرهم بالحق ثم اتوني شكاكا فأفتيتهم بالتقية وكذا ما عن الكافي والتهذيب في الموثق عن محمد بن مسلم قال سألت أبا جعفر (ع) عن القنوت في الصلوات الخمس فقال اقنت فيهن جميعا قال وسألت أبا عبد الله (ع) بعد ذلك فقال اما ما جهرت به فلا تشك وعن التهذيب في الموثق عن زرارة عن أبي جعفر (ع) قال القنوت في كل الصلوات قال محمد بن مسلم قد ذكرت ذلك لأبي عبد الله (ع) فقال اماما لا يشك فما يجهر فيه بالقراءة ضرورة انه ليس من شأن الإمام عليه السلام التشكيك والتردد في الأحكام الشرعية فصدور هذا النحو من الكلام اما لكونه بمحضر المخالفين فابرز الكلام بصورة الفتوى المستندة إلى الرأي والاجتهاد من باب التقية أو ان المقصود بذلك بيان انه في الجهرية مما لا يزاحمه الجهات الخارجية المقتضية لرجحان تركه من رعاية التقية ونحوها أو انه فيها من الواضحات الثابتة في الشرعية بالسنة القطعية التي لا مجال لاحد ان يشك فيه وكيف كان فهذا الفقرة من الرواية وان لا تخلو عن تشابه الا انه يعرف منها اجمال ان الرواية مشوبة بنوع من التقية بل قد يشكل استفادة أفضلية القنوت في الصلوات التي خصت بالذكر في تلك الأخبار بعد شهادة هذه الروايات بان منشأ التخصيص التقية ولذا استشكل بعض في الحكم بالأفضلية ولكن الذي يغلب على الظن انه وان كان للتقية دخل في قصر القنوت في تلك الأخبار على بعض الصلوات كما نطق به موثقة أبي بصير ولكن العمدة في ذلك عدم تأكد مطلوبيته في الصلوات التي لم يأمر به فيها والا فالقنوت بحسب الظاهر من أصله مخالف للتقية إذا الظاهر استقرار سيرة العامة في عصر صدور هذه الأخبار على ترك هذه السنة حتى في الفجر وان اعتبروا بشرعيته فيما كما يفصح عن ذلك قوله عليه السلام في ذيل صحيحة البزنطي الواردة في القنوت في الفجر وإذا كانت التقية فلا تقنت وانا أتقلد هذا فكان الإمام عليه السلام صونا لأصحابه من أن يصدر منهم أحيانا ما ينافي التقية كان يقتصر على بيان اما هو الأهم فالأهم الا انه صدرت هذا الأخبار المتظافرة بأسرها تقيته بل بملاحظة التقية لم يكن يكلف أصحابه بالقنوت الا فيما كان استحبابه فيه متأكدا والا فجل هذا الاخبار أو كلها قد ألقيت على مثل محمد بن مسلم وأبي بصير ونظرائهم الذين هم من خواص أصحاب الأئمة وحملة اسرارهم الذين ليس بينهم وبين الإمام عليه السلام تقيته فهذا من أقوى الشواهد على أن القنوت في حد ذاته ليس بواجب والا لم يكن يحسن ان يطلق لمثل هؤلاء الاشخاص القول بأنه لا تقنت الا في الفجر أوليس لا قنوت الا في الغداة والجمعة والوتر والمغرب أو نحو ذلك مع أن مواقع التقية المبيحة للاخلال بالواجب ليس الا أقل قليل فلو كان القنوت واجبا لكان يأمرهم به الا في موارد التقية كغيره من الواجبات المنافية للتقية كالمسح على الخفين
(٣٨٨)