وحنطه ثم خرج به ومضى رسول الله صلى الله عليه وآله حتى انتهى به إلى قبره فقال الناس ان رسول الله نسي ان يصلى على إبراهيم لما دخله من الجزع عليه فانتصب قائما ثم قال أيها الناس اتاني جبرئيل بما قلتم زعمتم انى نسيت ان اصلى على ابني لما دخلني من الجزع الا وانه ليس كما ظننتم ولكن اللطيف الخبير فرض عليكم خمس صلوات وجعل لموتاكم من كل صلاة تكبيرة وأمرني ان لا اصلى الا على من صلى الحديث فالقول بوجوبها على المستهل مع شذوذه في غاية الضعف واحتج ابن أبي عقيل على ما نقل عنه لما ذهب إليه من عدم وجوب الصلاة على الصبي حتى يبلغ بان الصلاة استغفار للميت ودعاء له ومن لم يبلغ لا حاجة له إلى ذلك وفيه ما لا يخفى واستدل له أيضا بموثقة عمار عن أبي عبد الله (ع) انه سئل عن المولود ما لم يجير عليه القلم هل يصلى عليه قال لا انما الصلاة على الرجل والمرأة إذا جرى عليهما القلم وخبر هشام المروى عن الكافي قال قلت لأبي عبد الله (ع) ان الناس يكلموننا ويردون علينا قولنا انه لا يصلى على الطفل لأنه لم يصل فيقولون لا يصلى الا على من صلى فنقول نعم فيقولون أرأيتم لو أن رجلا نصرانيا أو يهوديا اسلم ثم مات من ساعته فما الجواب فيه فقال قولوا لهم أرأيتم لو أن هذا الذي اسلم الساعة ثم افترى على انسان ما كان يجب عليه في فريته فإنهم سيقولون يجب عليه الحد فإذا قالوا هذا قيل لهم فلو ان هذا الصبي الذي لم يصل افترى على انسان هل كان عليه الحد فإنهم سيقولون لا فيقال لهم صدقتم انما يجب الصلاة على من وجبت عليه الصلاة والحدود ولا يصلى عليه من لم تجب عليه الصلاة ولا الحدود وأجاب في المدارك عن الموثقة بالطعن في سندها باشتمال على جماعة من الفطحية ثم نقل عن الذكرى أنه قال ويمكن ان يراد بجري القلم مطلق الخطاب الشرعي والتمريني خطاب شرعي انتهى وقال المحقق البهبهاني في حاشية المدارك ويمكن ان يكون المراد بجريان القلم في كتابة الثواب له لا العقاب عليه أيضا لأن الحق ان عبادات الطفل شرعية ولا مانع من ترتب الثواب له بل بقول الظاهر من الأخبار وحديث رفع عنه القلم ظاهر في رفع العقاب والمؤاخذة لا الثواب أيضا ولا اجماع على في لثواب أقول ما ذكره من شرعية عبادة الصبي وعدم المانع عن استحقاقه الثواب هو الذي يقتضيه التحقيق ولكن تنزيل بل جرى القلم على ارادته لا يناسب التعبير بلفظ على ولا اطلاق اسم الرجل والمرأة عليه فهذا التوجيه لا يخلو من بعد كما أن تنزيله على إرادة الأعم من الخطاب التمريني الذي هو متوجه إلى الولي دون الطفل أيضا كذلك وابعد من ذلك ما قيل في الجواب عن الخبر الثاني بعد تسليم سنده من ظهوره في إرادة الرد على العامة القائلين بالوجوب على المستهل إذ الرد انما يصح بكلام صحيح لا بكلمة باطلة لا يقول بها قائلها واما ظهور الخبرين في سقوط الصلاة على المجنون الذي لم يقل به أحد كظهور الأخبار التي هي مستند المشهور أيضا في ذلك كما لا يخفى على المتأمل فليس من أسباب وههنا إذ الاجماع وغيره مما دل على وجوب الصلاة على مجانين المسلمين كاشف عن أن المقصود ببلوغه حدا يجب عليه الصلاة كما هو مفاد هذين الخبرين أو يراد منه فعلها ندبا أو تمرينا كما هو مفاد الأخبار السابقة انما هو من حيث الشانية لا بالفعل فليس مثل ذلك قادحا في حجية الأخبار لو لم يكن هناك مانع اخر كما لا يخفى وقد حكى عن المحدث الكاشاني في الوافي انه جمع بين هذين الخبرين وبين اخبار القول المشهور بحمل تلك الأخبار على الاستحباب فقال بعد ذكر الخبر الأخير ما لفظه لا منافاة بين هذا الخبر والذي قبله لأن الأول محمول على جواز الصلاة واستحبابها على من عقلها والثاني على حتمها ووجوبها على من أدرك فمتى يستحب الصلاة للصبي يستحب عليه ومتى تجب تجب و متى لا يعقلها لا تجب عليه ولا تستحب انتهى وهو في حد ذاته لا تخلو من جودة الا ان الاعتماد على هذين الخبرين في صرف الروايات المشهورة عن ظاهرها بعد اعراض المشهور عنهما وقصور ثانيهما في حد ذاته من حيث السند مشكل فما ذهب إليه المشهور مع أنه أحوط لا يخلو من قوة والله العالم ويتساوى في ذلك الحد الذكر والأنثى والحر والعبد بلا خلاف فيه على الظاهر لقاعدة الاشتراك ويستحب الصلاة على من لم يبلغ ذلك الحد ان ولد حيا لدى المشهور على ما نسب إليهم للامر بها في صحيحتي ابن سنان وعلي بن يقطين وخبر السكوني المتقدمات المحمول على الندب بقرينة غيرها مما عرفت و يشهد له أيضا خبر قدامة بن زائدة المروى عن التهذيب قال سمعت أبا جعفر (ع) يقول إن رسول الله صلى الله عليه وآله صلى على ابنه إبراهيم فكبر خمسا ولكن قد يشكل الاعتماد على هذه الأخبار اما الخبر الأخير أي خبر قدامة فلمعارضة بخبر علي بن عبد الله المتقدم الذي هو صريح في خلافه وان رسول الله لم يصل على ابنه إبراهيم حتى زعم الناس انه نسي الصلاة على ابنه فأخبرهم النبي صلى الله عليه وآله بان الامر ليس كما زعموه بل هو مأمور من الله تعالى بان لا يصلى الا على من صلى فمن هنا يتطرق الاشكال في سائر الروايات المزبورة المشتملة على الامر بفعلها حيث إن الامر بترك الصلاة على الصبي لا يجتمع مع الامر بالصلاة على فعلها كما هو مفاد تلك الأخبار اللهم الا ان يلتزم بكون مطلوبية تركها على من لا يصلى من خصائص النبي كما أنه قد يشكل الاعتماد عليها أيضا لأجل معارضتها صحيحتي زرارة ومرسلة الصدوق المتقدمات المتضمنات لحكاية صلاة أبي جعفر (ع) على ابنه الصغير وانه بعد ان صلى عليه اعتذر عن ذلك بمخافة تشيع الناس بان بني هاشم لا يصلون على أطفالهم ولا لم يكن يصلى على مثله وكان علي (ع) يأمر به فيدفن ولا يصلى عليه فإن هذه الأخبار كالنص في عدم مطلوبيتها من حيث هي شرعا والا لم يكن علي (ع) يأمر بدفنها بغير صلاة ولا الباقر (ع) يعتذر عن فعلها بما ذكر فمن هنا قد يقوى في النظر جرى الأخبار الامرة بالصلاة على الصبي الذي لم يبلغ ذلك الحد كالفعل الصادر من أبي جعفر (ع) مجرى التقية والمماشاة مع الناس كما جزم به في الحدائق وغيره ولكن الأقوى خلافه إذ ليس في شئ من الأخبار الحاكية لفعل أبي جعفر (ع) المشتملة على الاعتذار عنه اشعار بصدور هذا الفعل منه من باب التقية فضلا عن صلاحيتها لصرف سائر الأخبار إليها نعم هي ظاهره بل صريحة في أن الصلاة على مثل ذلك الصبي الذي صلى عليه أبو جعفر (ع) لم تكن ثابتة في أصل الشرع فان
(٤٩٤)