ثم عد فيها (الخ) فان حمل هذه الصحيحة على إرادة خوف فوت وقت الاجزاء بعيد وربما يستدل بهذا الصحيحة للقول بوجوب تقديم الفريضة من أول وقتها بدعوى ان ظاهرها وجوب قطع صلاة الكسوف لادراك العشاء في أول وقتها وهو مستلزم لعدم جواز الدخول فيها في أول وقت الفريضة أولى وفيه انه لا يخلو من مغالطة حيث يفهم من هذه الصحيحة أيضا جواز الاتيان بصلاة الكسوف ما لم يتخوف ان يذهب وقت الفريضة وانما يتحقق خوف الفوات في اخر وقتها فان أريد بوقتها الوقت الفضيلى كما هو المظنون فيمتد إلى ثلث الليل أو ربعه كما عرفته في المواقيت فكيف يستفاد من هذه الصحيحة وجوب القطع لادراك العشار في أول وقتها مع أن الغالب عدم خوف فوت الفريضة إذا حصل الكسوف في أول وقتها فان وقت فضلية العشاء بل المغرب أيضا أوسع من أداء كلتا الصلاتين فمورد السؤال انما هو ما إذا حصل الابتلاء بالكسوف في ضيق وقت الفريضة بحيث يخشى من تقديم الكسوف عليها فوات وقتها هذا مع أن الامر بالقطع على تقدير ان يكون المراد بالوقت الوقت الفضيلي بناء على المختار من جوزا تأخير الفريضة عنه اختيار أليس الا للاستحباب ضرورة ان المنساق منه ليس الا ارادته لأجل ادراك الفريضة في وقتها المفروض كونه موقتا للفضيلة لا الاجزاء والا الوجوب تعبدا أو شرطا لصحة الكسوف فلا يعقل وجوبه بعد فرض جواز تأخير الفريضة عن هذا الوقت وعدم وجوب التشاغل بها بعد قطع الكسوف حتى يتضيق وقت اجزائها فلا يكون طلبه (ح) الا ندبيا على حسب مطلوبية غايته نعم يستفاد من استحباب القطع لادراك وقت الفضيلة وجوبه لادراك وقت الاجزاء بتنقيح المناط وكيف كان فربما يستدل بقوله (ع) في الصحيحة الأولى فصلها ما لم تتخوف ان يذهب وقت الفريضة للقول بوجوب تقديمها على الفريضة في السعة وفيه ما تقدمت الإشارة إليه من كون الامر واردا في مقام توهم الخطر عن فعلها في وقت الفريضة أو في الأوقات المكروهة فلا يفهم منه الا الجواز هذا مع معارضته على تقدير إرادة الوجوب بصحيحة محمد بن مسلم الآتية كما ستعرف وربما يستدل أيضا لجواز تقديم صلاة الكسوف بالمستفيضة الدالة على أن خمس صلوات أو اربع صلوات يصليها الرجل في كل وقت منها صلاة الكسوف وفي بعضها في كل ساعة وفي بعضها لا تترك على حال وفيها ان هذه الروايات مسوقة لبيان جوازها في اي وقت نكون عند طلوع الشمس أو غروبها وليس لها اطلاق أحوالي بحيث يصح التمسك باطلاقها لما نحن فيه كما لا يخفي على المتأمل واستدل للقول بوجوب تقديم الحاضرة بصحيحة محمد بن مسلم عن أحدهما (ع) قال سئلته عن صلاة الكسوف في وقت الفريضة فقال ابدء بالفريضة وعن الفقه الرضوي قال ولا تصليهما في وقت الفريضة حتى تصلى الفريضة فإذا كنت فيها ودخل عليك وقت الفريضة فاقطعها وصل الفريضة ثم ابن علي ما صليت من صلاة الكسوف وفيه ان الرضوي ليس بحجة وعلى تقدير الالتزام بحجيته فالمتجه حمله على الاستحباب جمعا بينه وبين الصحيحتين المتقدمتين اللتين لو لم نقل بصراحتهما في جواز تقديم الكسوف ما لم يتخوف ان يذهب وقتها فلا أقل من كون دلالتهما عليه أقوى من دلالة الامر على الوجوب مع أن ما فيه من الامر بقطع صلاة الكسوف لو دخل الوقت في أثنائها معارض بما روي عن كتاب دعائم الاسلام مرسلا عن جعفر بن محمد (ع) أنه قال فيمن وقف في صلاة الكسوف حتى دخل عليه وقت الصلاة قال صلاته يؤخرها وبمضي في صلاة الكسوف حتى يصير إلى اخر الوقت فان خاف فوت الوقت قطعها وصلى الفريضة وكذلك إذا انكسفت الشمس وانكسف القمر في وقت صلاة فريضة بدأ بصلاة الفرية قبل صلاة الكسوف ولكن ذيل هذه المرسلة أيضا كصدر الرضوي والصحيحة المتقدمة بظاهره منطبق على القول المزبور وقد ظهر الجواب عن الجميع بما مر من أن مقتضى الجمع بينها وبين الصحيحتين المتقدمتين حمل الامر بالبدأة بالفريضة الوارد في هذه الأخبار على الاستحباب كما يؤيده غلبة الظن بان مناط الحكم أهمية الفريضة وأفضلية المبادرة إلى فعلها في أول وقتها التي لا تصليح علية الا للاستحباب كما عرفت لا شرطيتها الصحة الكسوف كي تكون واجبة هذا مع امكان تقييد وقت الفريضة الوارد في هذه الأخبار بوقتها الذي يخاف عنده من التأخير جمعا بينها وبين الصحيحتين خصوصا في خبر الدعائم حيث إن إرادة هذا المعنى من وقت الفريضة انسب بالتشبيه الوارد فيه من مطلق وقتها هذا مع ما فيه من ضعف السند ثم إنه قد ورد في جل الأخبار المزبورة الامر بقطع صلاة الكسوف عند خوف فوت الفريضة في وقتها هذا مما لا شبهة بل لا خلاف فيه كما صرح به غير واحد ويدل عليه أيضا صحيحة أبي أيوب عن أبي عبد الله (ع) قال سئلته عن صلاة الكسوف قبل ان تغيب الشمس وتخشى فوت الفريضة فقال اقطعوها و صلوا الفريضة وعودوا إلى صلاتكم والفريضة التي يخاف من فوتها في هذا الوقت بفعل صلاة الكسوف هي العصر فهذه الرواية بحسب الظاهر واردة فيمن اخر العصر ثم ابتلى بالكسوف في اخر الوقت ويحتمل ان يكون المراد بالفريضة فريضة المغرب وبفوتها في دراكها في وقتها الفضيلى حيث إن صلاة الكسوف لو شرع فيها قبل ان تغيب الشمس واتى بها بآدابها التي عرفت من قراءة شئ من السور الطوال في كل ركعة وإطالة ركوعها وجوبها وقنوتها بمقدار القراءة ربما تستوعب وقت فضيلة المغرب أيضا فكان صاحب الحدائق فهم من هذه الرواية هذا المعنى حيث استشهد بما فيها من الامر بالقطع لما اختاره من وجوب تقديم الفريضة على الكسوف في السعة ووجوب قطع الكسوف لو دخل الوقت في أثنائها وفيه مضافا إلى مخالفة هذا المعنى لظاهر النص ما عرفت من أن ايجاب القطع لدى الخوف من فوات الوقت لا يكون دليلا على وجوبه لدى الامن من عدمه وان ادراك أول الوقت إذا كان مستحبا فهو دليل على أن الامر بالقطع أيضا ليس الا كذلك مع أن صاحب الحدائق على الظاهر هو ممن يرى الوقت الأول وقتا اختياريا لا يجوز تفويته مع الامكان فايجاب القطع على هذا التقدير ليس منافيا للمختار كي يصير شاهدا على مطلبه وكيف كان فليس المراد بالقطع الوارد في
(٤٩٠)