عن السؤال عن الصلاة على الميت اما المؤمن فخمس تكبيرات (الخ) فان مقتضى ظاهرهما كون الخمس تكبيرات هي تمام مهية هذه الصلاة وباختلاف النصوص في كيفية الأذكار والأدعية بين التكبيرات فإنه من شواهد الاستحباب وفيه ان الأصل مقطوع بما ستعرف والأخبار المطلقة مسوقة لبيان عدد ما يعتبر فيما من التكبير لاتمام مهيتها مع أنه لو سلم ظهورها في ذلك لوجوب صرفها عن ذلك جمعا بينها وبين الأخبار الكثيرة الواردة في كيفيتها المشتملة على الامر بالدعاء بينهن واختلاف تلك النصوص في خصوصية الأذكار والأدعية لا يكشف الا عن عدم اعتبار خصوصياتها لا عدم اعتبار جنس الدعاء الذي هو بحسب الظاهر من مقومات مهية هذه الصلاة إذا الظاهر أن اطلاق هذا الاسم عليها في أصل الشرع لم يكن الا باعتبار اشتمالها على الدعاء الذي هو معناها عرفا ولغة كما يفصح عن ذلك خبر أبي بصير قال كنت عند أبي عبد الله (ع) جالسا فدخل رجل فسئله عن التكبير على الجنائز فقال خمس تكبيرات ثم دخل اخر فسئله عن الصلاة على الجنائز فقال اربع صلوات فقال الأولى جعلت فداك سئلتك فقلت خمسا وسئلتك هذا فقلت أربعا فقال إنك سئلتني عن التكبير وسئلني هذا عن الصلاة ثم قال إنها خمس تكبيرات بينهن اربع صلوات وكيف كان فهذه الرواية كالنص في كون الدعاء بين التكبيرات مأخوذا في مهيتها وبما يشهد له أيضا خبر الفضل بن شاذان المروي عن العلل والعيون عن الرضا (ع) قال انما جوزنا الصلاة على الميت بغير وضوء لأنه ليس فيها ركوع ولا سجود انما هي دعاء ومسألة الحديث وفي خبره الاخر المروي عنهما أيضا عن الرضا (ع) قال انما أمروا بالصلاة على الميت ليشفعوا له وليدعوا له بالمغفرة الحديث ويدل عليه أيضا الأخبار الكثيرة الواردة في بيان كيفية هذه الصلاة المشتملة على الامر بالشهادتين وغيرهما من الأدعية والأذكار بين التكبيرات التي سيأتي نقل جملة منها واختلاف تلك النصوص في كيفيتها أو تأدية ألفاظها انما يصلح قرينة لرفع اليد عن ظهورها في كون الطلب الواقع فيها المتعلق بكل من تلك الخصوصيات تعينيا مجمله على كون متعلقه أحد افراد الأمور به أو أفضلها ولو بالإضافة إلى افراد جنسه سواء حملناه على الوجوب أو الاستحباب فلا مقتضى (ح) لرفع اليد عن ظاهرها من الوجوب فمقتضى الجمع بينها اما الالتزام بوجوب كل من الكيفيات الواردة في الأخبار المعتبرة تخييرا أو القول بوجوب القدر المشترك الذي دلت الجميع على وجوبه باي عبارة تكون من غير اعتبار بألفاظها والأول وان كان أوفق بالقواعد ولكن الأخير أقرب فان من أمعن النظر في الأخبار لا يكاد يرتاب في عدم كون خصوصية الألفاظ الواردة فيها من مقومات الصلاة ولذا كثر الاختلاف بحيث لا يكاد يوجد خبر ان من الأخبار الحاكية للفعل أو القول بتحد ألفاظ الأدعية المأثورة فيهما وربما يشهد له أيضا مضافا إلى ذلك ما عن الكليني والشيخ في الصحيح أو الحسن عن محمد بن مسلم وزرارة ومعمر بن يحيى وإسماعيل الجعفي عن أبي جعفر (ع) قال ليس في الصلاة على الميت قراءة ولا دعاء موقت تدعو بما بدا لك وأحق الموتى ان يدعى له المؤمن وان يبدء بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وعن الشيخ في الصحيح عن زرارة ومحمد بن مسلم انهما سمعا أبا جعفر (ع) يقول ليس في الصلاة على الميت قرائه ولا دعاء موقت الا ان تدعو بما بدا لك وأحق الموتى ان يدعى له ان تبدء بالصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وقد ظهر بما ذكر انا لو قلنا بوجوبه كما هو مقتضى التحقيق لم نوجب لفظا على التعيين كما لعله المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع عليه وما عن بعض القدماء من ذكر أدعية خاصة بين التكبيرات كالاخبار لم يقصد به بحسب الظاهر وجوبها عينا والا فجميع اخبار الباب حجة عليهم كما لا يخفى على المتأمل نعم صرح غير واحد بوجوب الشهادتين بعد التكبيرة الأولى والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله واله (ع) بعد الثانية والدعاء للمؤمنين بعد الثالثة وللميت بعد الرابعة بل ربما نسب هذا القول إلى المشهور بل عن بعض دعوى الاجماع عليه وحكى عن ابن الجنيد أنه قال ليس في الدعاء بين التكبيرات شئ موقت لا يجوز غيره وفي الحدائق بعد نقل هذا القول عن ابن الجنيد قال والى هذا مال جماعة من متأخري المتأخرين وهو ظاهر الشهيد في الذكرى وهو الأظهر انتهى وفي المدارك انه هو الأصح وهو خيرة الأكثر واستدلوا عليه بالصحيحة الأخيرين اللذين هما بحسب الظاهر رواية واحدة مروية بطريقين بل مقتضى اطلاق هذه الرواية ككلمات القائلين بعدم اعتبار دعاء مخصوص كفاية مطلق الدعاء ولكن لا يبعد دعوى انصرافها إلى ما يناسب المقام مما يمكن دعوى استفادة اعتبار نوعه اجمالا من سائر الأخبار كالدعاء للميت أو المؤمنين والصلاة على النبي صلى الله عليه وآله واله (ع) ويؤيده أيضا موثقة يونس بن يعقوب قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن صلاة الجنازة أيصلى عليها على غير وضوء فقال نعم انما هو تكبير وتسبيح وتحميد وتهليل الحديث وهذا الرواية وان كانت مسوقة لبيان عدم كونها صلاة حقيقة المشروطة بالظهور بل هي بمنزلة ما لو كان جالسا في بيته وهو يذكر الله تعالى ويسبحه فلا ينافيها اعتبار بعض أذكار خاصة ولكنها لا تخلو عن تأييد وكيف كان فالأولى نقل جملة من الأخبار الواردة في كيفية هذه الصلاة حتى ينكسف بها حقيقة الحال فمنها صحيحة أبي ولاد قال سئلت أبا عبد الله (ع) عن التكبير على الميت فقال خمس تقول في أولاهن أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له اللهم صل على محمد وال محمد ثم تقول اللهم ان هذا المسجى قدامنا عبدك وابن عبدك وقد قبضت روحه إليك وقد احتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم انا لا نعلم من ظاهره الا خيرا وأنت اعلم بسريرته اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه وان كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته ثم تكبر الثانية وتفعل وتقول ذلك في كل تكبيرة ومنها صحيحة الحلبي أو حسنته عن أبي عبد الله (ع) قال تكبر ثم تشهد ثم تقول انا لله وانا إليه راجعون الحمد لله رب العالمين رب الموت والحياة صل على محمد وأهل بيته جزى الله عنا محمدا خير الجزاء بما صنع بأمته وبما بلغ من رسالات ربه ثم تقول اللهم عبدك ابن عبدك ابن أمتك ناصيته بيدك خلا من الدنيا واحتاج إلى رحمتك وأنت غني عن عذابه اللهم انا لا نعلم
(٤٩٩)