ثم إنه ذكر السيد في حاشيته (1) قسمين آخرين للهبة غير ما تقدم:
ألف - أن تقع الهبة في مقابل الهبة، كما إذا قال الواهب: ملكتك كذا بهبتك كذا، ويقصد بذلك وقوع الهبة بإزاء الهبة، بأن تكون كلمة الباء متعلقة بالتمليك بلحاظ نفسه لا بلحاظ متعلقه، والفارق بين هذا القسم وبين ما يشترط فيه العوض أنه إذا لم يهب المتهب هنا بطلت الهبة الأولى، إذ المفروض أن كلا من التمليكين وقع في مقابل الآخر.
ومن الظاهر أن مقتضى المقابلة هو انتفاء كل منهما بانتفاء الآخر، بخلافه هناك، فإن مخالفة الشرط فيه يوجب الخيار فقط، وأما الفارق بينه وبين البيع، فإن المقابلة هنا بين الفعلين، بخلاف البيع فإن المقابلة فيه بين العوضين.
ب - أن تقع المقابلة بين المال والهبة، بأن يقول الواهب: ملكتك كذا بمقابل ما أعطيتني، نظير أن يقول: أكرمتك بعوض ما أعطيتني، ويقصد في هذا القسم وقوع المال بإزاء الهبة، بأن تكون كلمة الباء متعلقة بالتمليك بلحاظ نفسه أيضا.
والسر في أن هذا القسم من أقسام الهبة دون البيع، أن العوض فيه لم يقابل بالعين لكي يكون ذلك من أفراد البيع، بل في مقابل الفعل وهو التمليك، وأما المال فهو مجاني صرف ولم يقع بإزائه شئ.
والتحقيق أنا لا نعقل مقابلة الهبة بالهبة أو بالمال مقابلة معاوضية