وفيه أنه لو كان الانشاء بمعنى ايجاد المعنى باللفظ لكان لذلك الاشكال وجه، بدعوى أن المنشئ إنما ينشئ مضمون العقد ويوجده على نحو اللا بشرطية من غير تقيده بقيد من الزمان وغيره، وأما بناء على ما حققناه واخترناه في معنى الانشاء من أنه عبارة عن الاعتبار النفسانية واظهاره بمبرز من المبرزات فعليا أو قوليا.
فلا وجه لذلك الاشكال بوجه، وذلك لما حققناه في الأصول من أن الاهمال في الواقعيات من المستحيلات الأولية وأن الأمور الواقعية لا يعقل أن تكون عارية عن الاطلاق أو التقييد، بل لا بد أما وأن تكون في موطنها إما مطلقا أو مقيدة، فالذي يوجد أمرا ويعلم بما يوجد لا يعقل أن لا يعلم بكونه مطلقا أو مقيدا.
إذن فالمعتبر لمضمون العقد في عالم نفسه إما أن يعتبره مطلقة وغير مقيدة بقيد وشرط أو مقيدة بهما، فحيث لم يكن مقيدا فقهرا يكون مطلقا من غير أن يكون مقيدا بحصوله بعد الإجازة بل من حين العقد، فبالعقد تحصل الملكية المطلقة الدائمية كما هو واضح، فتكون الإجازة متعلقة بتلك الملكية المستمرة، فيكون اعتبار الملكية من الأول.
وأما النقض بالقبول فهو باطل من أصله وغير مربوط بالمقام، فإن مضمون العقد ما لم يتحقق القبول لا يحصل بالانشاء والايجاب المحض وإنما هو بالقبول وإلا فلا يتحقق عنوان العقد الذي قوامه بالايجاب والقبول.
ومن هنا قلنا إن الايجاب إنما يتحقق على تقدير القبول والتعليق مما لا بد منه وإن لم يصرح به، وقلنا في أحكام الصيغة إن مثل هذا التعليق لا يضر بصحة العقد لكونه راجعا إلى ما يتوقف صحة العقد عليه، وهذا بخلاف ما نحن فيه، فإن العقد قد تم بالايجاب والقبول الفضوليين وإنما